/م83
{ وأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وأَخِيهِ أَن تَبَوءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً} يقال تبوأ الدار:اتخذها مبوّءا أو مباءة ، أي مسكنا ثبتا ، وملجأ يبوء إليه ، أي يرجع كلما فارقه لحاجة ، وبوأها غيره .وقوله:{ أن تبوءا} تفسير لأوحينا ؛ لأنه بمعنى قلنا لهما:اتخذا لقومكما بيوتا في مصر تكون مساكن وملاجئ يبوءون إليها ويعتصمون بها .
{ واجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} أي متقابلة في وجهة واحدة ، فالقبلة في اللغة ما يقابل الإنسان ويكون تلقاء وجهه ، ومنه قبلة الصلاة- وهي أخص- ويصح الجمع هنا بين المعنيين العام والخاص بقرينة قوله{ وأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} أي فيها متوجهين إلى وجهة واحدة ؛ لأن الاتحاد في الاتجاه يساعد على اتحاد القلوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حكمة تسوية الصفوف في الصلاة: "ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم "{[1730]} ، وحكمة هذا أن يكونوا مستعدين لتبليغها إياهم ما يهمهم ويعينهم مما بعثنا لأجله وهو إنجاؤهم من عذاب فرعون بإخراجهم من بلاده ، واختلف المفسرون في الجهة التي أمروا باستقبالها والتوجه إليه في الصلاة وهي لا تعلم إلا بنص ولا نص ،{ وبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} بحفظ الله إياهم من فتنة فرعون وملئه الظالمين لهم وتنجيتهم من ظلمهم .خص الله موسى بهذا الأمر ( التبشير ) لأنه من أمر الوحي والتبليغ المنوط به ، وأشرك هارون معه في الأمر الذي قبله ؛ لأنه تدبير عملي هو وزيره المساعد له على تنفيده .