/م100
{ وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم} أي وما كان إهلاكهم بغير جرم استحقوا به الهلاك ، ولكن ظلموا أنفسهم بشركهم وفسادهم في الأرض ، وإصرارهم حتى لم يعد فيهم بقية من قبول الحق وإيثار الخير على الشر ، بحيث لو بقوا زمنا آخر لما ازدادوا إلا ظلما وفجورا وفسادا ، كما قال نوح عليه السلام:{ إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} [ نوح:27] ، وقد بالغ رسلهم في وعظهم وإرشادهم ، فما زادهم نصحهم لهم إلا عنادا وإصرارا ، وأنذروهم العذاب فتماروا بالنذر استكبارا ، واتكلوا على دفع آلهتهم العذاب عنهم إن هو نزل .
{ فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك} أي فما نفعتهم آلهتهم التي كانوا يدعونها ، ويطلبون منها أن تدفع عنهم الضر بنفسها ، أو بشفاعتها عند الله تعالى لما جاء عذاب ربك تصديقا لنذر رسله .
{ وما زادوهم غير تتبيت} أي هلاك وتخسير وتدمير ، وهو من التباب أي الخسران والهلاك ، يقال:تببه تتبيبا أي أهلكه ، وتب فلان وتبت يده أي خسر أو هلك ،"وتبا له "في الدعاء بالهلاك ، ومعنى زيادتهم إياهم تتبيبا أنهم باتكالهم عليهم ازدادوا كفرا وإصرارا على ظلمهم وفسادهم ، ظنا أنهم ينتقمون لهم من الرسل كما قال بعضهم لرسولهم:{ إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} [ هود:54] .