{ وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا} أي ما كان لهم من قول في تلك الحال التي اعتصموا فيها بالصبر والثبات ، وعزة النفس ، وشدة البأس ، إلا ذلك القول المنبئ عن قوة إيمانهم ، وصدق إرادتهم ، وهو الدعاء بأن يغفر الله لهم بجهادهم ما كانوا ألموا به من الذنوب والتقصير في إقامة السنن ، أو الوقوف عند ما حددته الشرائع ،{ وإسرافنا في أمرنا} بالغلو فيه ، وتجاوز الحدود التي حددتها السنن له{ وثبت أقدامنا} على الصراط المستقيم الذي هديتنا إليه حتى لا تزحزحنا عنه الفتن ، وفي موقف القتال ، حتى لا يعرونا الفشل{ وانصرنا على القوم الكافرين} بك ، الجاحدين لآياتك ، المعتدين على أهل دينك ، فلا يشكرون لك نعمة بالتوحيد والتنزيه ، ولا بفعل المعروف وترك المنكر ، ولا يمكنون أهل الحق من إقامة ميزان القسط ، فإن النصر بيدك ، تؤتيه من تشاء بمقتضى سننك ، ومنها أن الذنوب ، والإسراف في الأمور ، من أسباب البلاء والخذلان ، وأن الطاعة والثبات والاستقامة من أسباب النصر والفلاح .ولذلك سألوا الله أن يمحو من نفوسهم أثر كل ذنب وإسراف .وأن يوفقهم إلى دوام الثبات .ولا شك أن الدعاء والتوجه إلى الله تعالى في مثل هذه الحال مما يزيد المؤمن المجاهد قوة وعزيمة ومصابرة للشدائد .ولذلك يعترف علماء النفس والأخلاق بأن المؤمنين أشد صبرا وثباتا في القتال من الجاحدين كما تقدم في تفسير{ ولما برزوا لجالوت} [ البقرة:250] .