ثم أخبر سبحانه ،بعد بيان محاسنهم الفعلية ،بمحاسنهم القولية ،وهو ما استنصرت به الأنبياء وأممهم على قومهم من اعترافهم وتوبتهم واستغفارهم وسؤالهم ربهم أن يثبت أقدامهم ،وأن ينصرهم على عدوهم ،فقال:
/ |147| ( وما كان قولهم الا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين147 ) .
( وما كان قولهم ) أي هؤلاء الربانيين ،مثل قول المنافقين ولا المعجبين .و ( قولهم ) بالنصب خبر ل ( كان ) .واسمها ( أن ) وما بعدها في قوله تعالى:( إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ) .
قال ابن القيم:لما علم القوم أن العدو إنما يدال عليهم بذنوبهم وأن الشيطان إنما يستزلهم ويهزمهم بها .وأنها نوعان:تقصير في حق ،أو تجاوز لحد .وأن النصر منوط بالطاعة ،( قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ) .ثم علموا أن ربهم تبارك وتعالى ،إن لم يثبت أقدامهم وينصرهم ،لم يقدروا على تثبيت أقدام أنفسهم ونصرها على أعدائهم ،فسألوه ما يعلمون أنه بيده دونهم ،وأنه ان لم يثبت أقدامهم وينصرهم ،ولم يثبتوا ولم ينتصروا .فوفوا المقامين حقهما:مقام المقتضى ،وهو التوحيد ،والالتجاء إليه سبحانه .ومقام إزالة المانع من النصرة ،وهو الذنوب والإسراف –انتهى-
قال القاضي:وهذا تأديب من الله تعالى في كيفية الطلب بالأدعية عند النوائب والمحن ،سواء كان في الجهاد أو غيره .