/م149
{ بل الله مولاكم} لا ينبغي أن تفكروا في ولاية أبي سفيان وحزبه ولا عبد الله بن أبي وشيعته ولا أن تصغوا لإغواء من يدعوكم إلى موالاتكم فإنهم لا يستطيعون لكم نصرا ولا أنفسهم ينصرون ، وإنما الله هو المولى القادر على نصركم إذا هو تولى شوؤنكم بعنايته الخاصة التي وعدكم بها في قوله:{ فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير} [ الأعراف:39] وبين لكم أن سنته قد مضت بأنه يتولى الصالحين ويخذل من يناوؤهم من الكافرين{ أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم} [ محمد:10-11] .
ومن هنا أخذ النبي صلى الله عليه وسلم جوابه لأبي سفيان حين قال بعد وقعة أحد التي نزلت هذه الآيات فيها"لنا العزى ولا عزى لكم "إذ أمر صلى الله عليه وسلم بأن يجاب"الله مولانا ولا مولى لكم "كأنه تعالى يذكر المؤمنين بقوله هذا النبي عن سنته وبتذكير الرسول لهم به .وإذا كان هو مولاكم ناصركم إذا قمتم بما شرطه عليكم في ذلك من الإيمان والصلاح ونصر الحق .فهل تحتاجون إلى أحد من بعده{ وهو خير الناصرين} ؟ فإن من يطلق عليهم لفظ الناصر من الناس إنما ينصر بعضهم بعضا بما أوتوا من القوى وما تيسر لهم من الأسباب .وإنما الله هو الذي آتاهم القوى وسخر لهم الأسباب ، وهو القادر بذاته على نصر من شاء من عباده بإيتائهم أفضل ما يؤتي غيرهم من الصبر والثبات والعزيمة وإحكام الرأي وإقامة السنن والتوفيق للأسباب .هذا ما ظهر لنا .ويقول المفسرون في مثل هذه العبارة:اسم التفضيل"خير "فيها على غير بابه لأنه لا خير في أولئك الناصرين الذين يعرض بهم .قال الأستاذ الإمام:لا وجه للاعتراض بأن الكافرين لا خير فيهم .فإن التفضيل إنما هو بالنسبة إلى النصر يعني أن نصر الله لعباده المؤمنين خير من نصر الكافرين لمن ينصرونه من أوليائهم .