/م149
قوله تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا} معناه إن تطيعوا الذين جحدوا نبوة محمد ولم يقبلوا دعوته إلى التوحيد والخير كأبي سفيان ومن معه من مشركي مكة الذين دعاكم مرضى القلوب إلى الرجوع إليهم وتوسيط رئيس المنافقين عبد الله بن أبي بينكم وبين رئيسهم ( أبي سفيان ) ليطلب لكم منه الأمان ، أو الذين كفروا بقلوبهم وآمنوا بأفواههم كعبد الله بن أبي وأصحابه الذين خذلوكم قبل الشروع في الحرب ثم دعوكم بعدها إلى الرجوع إلى دينكم ، وقالوا لو كان محمد نبينا لما أصابه ما أصابه .
( يردوكم على أعقابكم ) إلى ما كنتم عليه من الكفر ابتداء أو استدراجا .قال الأستاذ الإمام:أي إن طلبتم الأمان منهم وكانت حالكم معهم حال المغلوب من الغالب يتولوا عليكم وتكونوا معهم أذلاء مقهورين حتى يردوكم عن دينكم ( فتنقلبوا خاسرين ) للدنيا والآخرة ، أما الأول فبخضوعكم لسلطانهم وامتهانكم بينهم وحرمانهم مما وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات من استخلافهم في الأرض بالسيادة والملك ومن تمكين دينهم وتبديلهم من بعد خوفهم أمنا ، وأما الآخر فبما يمسكم في الآخرة من عذاب المرتدين مع الحرمان مما وعد الله المتقين .
وذكر بعضهم لليهود والنصارى في تفسير هذه الآية لا مناسبة له وقد تبعوا فيه ما روي عن الحسن وابن جريج .والمروي عن السدي أن المراد بالذين كفروا أبو سفيان ومن معه من المشركين ، وعن علي أنهم عبد الله بن أبي وحزبه وهم الذين دعوا إلى الارتداد كما تقدم وأشرنا إليه آنفا .