/م86
{ إلا الذين تابوا} من ذنبهم وتابوا إلى ربهم:{ من بعد ذلك} الظلم الذي دنسوا به أنفسهم فتركوه مستقبحين له نادمين على ما أصابوا منه:{ وأصلحوا} أعمالهم بما صار للإيمان الراسخ من السلطان على نفوسهم ، والتصريف لإرادتهم ، أو أصلحوا نفوسهم بالأعمال الصالحة التي تمد الإيمان وتغذيه وتمحو من لوح القلب تلك الصفات الذميمة وتثبت فيه أضدادها:{ فإن الله غفور رحيم} فينالهم من مغفرته ، ما يزكي نفوسهم بمقتضى سنته ، ويصيبهم من رحمته ما يؤهلهم لدخول جنته .
وقال الأستاذ الإمام في هذه الآية ما مثاله:عطف الإصلاح على التوبة لأن التوبة التي لا أثر لها في العمل لا شأن لها ولا قيمة في نظر الدين .ولذلك جرى القرآن على عطف العمل الصالح عليها عند ذكرها أو وصفها بالنصوح .وترى كثيرا من الناس يظهرون التوبة بالندم والاستغفار والرجوع عن الذنب ثم لا يلبثون أن يعودوا إلى ما كانوا تابوا عنه ، ذلك بأنه لم يكن للتوبة أثر في نفوسهم ينبههم إذا غفلوا ، كي لا يعودوا إلى ما اقترفوا ، ويهديهم إلى اتخاذ الوسائل لإصلاح شأنهم ، وتقويم أمرهم ،