/م12
وبعد هذا القول المبين لأصل الدعوة وأساس الدين وكون الداعي إليه مأمورا به كغيره – أمر الله رسوله بقول آخر في بيان جزاء من خالف ما ذكر من الأمر والنهي آنفا وأنه عام لا هوادة فيه ولا شفاعة تحول دونه فقال{ قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ( 15 )}
قدم ذكر الخوف على شرطه الذي شأنه أن يتقدمه لأنه هو الأهم المقصود بالذكر ، وشرط « إن » لا يقتضي الوقوع ، فالمعنى إن فرض وقوع العصيان مني لربي فإنني أخاف أن يصيبني عذاب يوم عظيم ، وهو يوم القيامة ، وصف بالعظم لعظمة ما يكون فيه من تجلي الرب سبحانه ومحاسبته للناس ومجازاته لهم .وحكمة هذا التعبير ما أشرنا إليه من أن هذا الدين دين الله الحق لا محاباة فيه لأحد مهما يكن قدره عظيما في نفسه .وأن يوم الجزاء لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة – بالمعنى المعروف عند المشركين – ولا سلطان لغير الله تعالى فيتكل عليه من يعصيه ، ظنا أنه يخفف عنه أو ينجيه ،{ يوم لا يملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله} [ الانفطار:19] وإذا كان خوف النبي صلى الله عليه وسلم من العذاب على المعصية منتفيا لانتفائها بالعصمة فخوف الإجلال والتعظيم ثابت له دائما .