/م189
ثم بين تعالى سخافة عقولهم وأفن آرائهم بهذا الشرك فقال:{ أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون} الاستفهام للإنكار والتجهيل ، أي يشركون به سبحانه وتعالى وهو الخالق لهم ولأولادهم ولكل شيء ما لا يخلق شيئا من الأشياء مهما يكن حقيرا كقوله تعالى:{ إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له} [ الحج:73] وليس قصارى أمرهم أن الخلق لا يقع منهم ، بل هو يقع عليهم ، فهم يخلقون آنا بعد آن ، ولا يليق بسليم العقل أن يجعل المخلوق العاجز ، شريكا للخالق القادر ؟ والآية وما بعدها حكاية لشرك عباد الأصنام والتماثيل كافة ، ومنهم مشركو مكة وأمثالهم ممن نزل القرآن في عهدهم ومن يجيء بعدهم ، فقوله:{ ما لا يخلق شيئا} يراد به أصنامهم لأن"ما "لما لا يعقل ولفظا مفرد وهو من صيغ العموم فأفرد الضمير في"يخلق "مراعاة للفظ ثم جمع في"يخلقون "مراعاة للمعنى ، وجعله ضمير العقلاء من قبيل الحكاية لاعتقادهم ، والتعبير بفعل المضارع"يخلقون "لتصوير حدوث خلقهم ، وكون مثله مما يتجدد فيهم وفي أمثالهم من المشركين ، وهذا أسوأ فضائحهم في الشرك .