/م120
{ ولاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً ولاَ كَبِيرَةً ولاَ يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ} أي كذلك شأنهم فيما ينفقون في سبيل الله صغر أم كبر ، قلّ أم كثر ، وفي كل واد يقطعونه في سيرهم غادين أو رائحين ( وهو مسيل الماء في منفرجات الجبال وأغور الآكام ، خصه بالذكر لما فيه من المشقة ) ، لا يترك شيء منه أو ينسى بل يكتب لهم .
{ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ} بكتابته في صحف أعمالهم .
{ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وهو الجهاد ، فإنه عند وجوبه وفرضيته بالاستنفار له يكون أحسن الأعمال ، إذ يتوقف عليه حفظ الإيمان ، وملك الإسلام ، وجميع ما يتبعهما من فضائل الأعمال ، يقال:جزاه العمل وجزاه به .كما قال:{ ثم يجزاه الجزاء الأوفى} [ النجم:41] والنص على جزائهم أحسن ما كانوا يعملون لا ينافي جزاءهم بما دونه وقد قال آنفا{ إن الله لا يضيع أجر المحسنين} وهو فيه ، وإنما المراد النص على أن هذا العمل أحسن أعمالهم أو من أحسنها ؛ لأنه جمع بين الجهاد بالمال والجهاد بالنفس وما قبله من الثاني فقط ، والجزاء على الأحسن يكون أحسن منه على قاعدة{ من جاء بالحسنة فله خير منها} [ النمل:89] وبيان ذلك بقاعدة{ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [ الأنعام:160] ، وقال بعضهم:إن معنى الجملة أنه تعالى يجزيهم بكل عمل مما ذكر أحسن جزاء على أعمالهم الحسنة ، أي في غير الجهاد بالمال والنفس ، بأن تكون النفقة الصغيرة فيه كالنفقة الكبيرة في غيره من المبرات .والمشقة القليلة فيه كالمشقة الكثيرة فيما عداه من الأعمال الصالحات .