{ ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها} الاستفهام هنا للتوبيخ وإقامة الحجة ، والمحادة مفاعلة من الحد وهو طرف الشيء ، كالمشاقة من الشق وهو بالكسر الجانب ونصف الشيء المنشق منه ، وكلاهما بمعنى المعاداة من العدوة وهي بالضم جانب الوادي ، لأن العدو يكون في غاية البعد عمن يعاديه عداء البغض والشنآن ، بحيث لا يتزاوران ولا يتعاونان ، فشبه بمن يكون كل منهما في حد وشق وعدوة ، كما يقال هما على طرفي نقيض ، وكذلك المنافقون يكونون في الحد والجانب المقابل للجانب الذي يحبه الله لعباده والرسول لأمته من الحق والخير والعمل الصالح ولا سيما الجهاد بالمال والنفس للدفاع عن الملة والأمة وإعلاء شأنهما ، والعاصي وإن خالف أمر الله ورسوله ونهيهما في بعض الأمور لا ينتهي إلى هذه الغاية أو العدوة في البعد عنهما ، فليس في الآية حجة لمن يكفرون العصاة .وجهنم دار العذاب وتقدم هذا الاسم مراراً .
والمعنى:ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن الشأن والأمر الثابت الحق هو:من يعادي الله ورسوله - بتعدي حدود الله ، أو بلمز الرسول في أعماله كقسمة الصدقات ، أو أخلاقه وشمائله كقولهم:هو أذن- فجزاؤه أن له نار جهنم يصلاها يوم القيامة خالداً فيها لا مخرج له منها .
{ ذلك الخزي العظيم} أي ذلك الصلي الأبدي هو الذل والنكال العظيم الذي يتضاءل دونه كل خزي وذل في الحياة الدنيا .