يقول تعالى لنبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه:لا تنظر إلى هؤلاء المترفين وأشباههم ونظرائهم ، وما فيه من النعم فإنما هو زهرة زائلة ، ونعمة حائلة ، لنختبرهم بذلك ، وقليل من عبادي الشكور .
وقال مجاهد:( أزواجا منهم ) يعني:الأغنياء فقد آتاك [ الله] خيرا مما آتاهم ، كما قال في الآية الأخرى:( ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ) [ الحجر:87 ، 88] ، وكذلك ما ادخره الله تعالى لرسوله في الدار الآخرة أمر عظيم لا يحد ولا يوصف ، كما قال تعالى:( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) [ الضحى:5] ولهذا قال:( ورزق ربك خير وأبقى ) .
وفي الصحيح:أن عمر بن الخطاب لما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المشربة التي كان قد اعتزل فيها نساءه ، حين آلى منهم فرآه متوسدا مضطجعا على رمال حصير وليس في البيت إلا صبرة من قرظ ، وأهب معلقة ، فابتدرت عينا عمر بالبكاء ، فقال رسول الله:"ما يبكيك ؟ ". فقال:يا رسول الله ، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه ، وأنت صفوة الله من خلقه؟ فقال:"أوفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ".
فكان صلوات الله وسلامه عليه أزهد الناس في الدنيا مع القدرة عليها ، إذا حصلت له ينفقها هكذا وهكذا ، في عباد الله ، ولم يدخر لنفسه شيئا لغد .
قال ابن أبي حاتم:أنبأنا يونس ، أخبرني ابن وهب ، أخبرني مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله من زهرة الدنيا ". قالوا:وما زهرة الدنيا يا رسول الله؟ قال:"بركات الأرض ".
وقال قتادة والسدي:زهرة الحياة الدنيا ، يعني:زينة الحياة الدنيا .
وقال قتادة ( لنفتنهم فيه ) لنبتليهم .