وقوله:( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) أي:استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة ، واصطبر أنت على فعلها كما قال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) [ التحريم:6] .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه:أن عمر بن الخطاب كان يبيت عنده أنا ويرفأ ، وكان له ساعة من الليل يصلي فيها ، فربما لم يقم فنقول:لا يقوم الليلة كما كان يقوم ، وكان إذا [ استيقظ أقام] - يعني أهله - وقال:( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) .
وقوله:( لا نسألك رزقا نحن نرزقك ) يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب ، كما قال تعالى:( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) [ الطلاق:2 ، 3] ، وقال تعالى:( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) [ الذاريات:56 - 58] ولهذا قال:( لا نسألك رزقا نحن نرزقك ) وقال الثوري:( لا نسألك رزقا ) أي:لا نكلفك الطلب . وقال ابن أبي حاتم [ أيضا] حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام ، عن أبيه; أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا ، فرأى من دنياهم طرفا فإذا رجع إلى أهله ، فدخل الدار قرأ:( ولا تمدن عينيك ) إلى قوله:( نحن نرزقك ) ثم يقول:الصلاة الصلاة ، رحمكم الله .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا سيار ، حدثنا جعفر ، عن ثابت قال:كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه خصاصة نادى أهله:"يا أهلاه ، صلوا ، صلوا ". قال ثابت:وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة .
وقد روى الترمذي وابن ماجه ، من حديث عمران بن زائدة ، عن أبيه ، عن أبي خالد الوالبي ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يقول الله تعالى:يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى ، وأسد فقرك ، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك ".
وروى ابن ماجه من حديث الضحاك ، عن الأسود ، عن ابن مسعود:سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول:"من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد كفاه الله هم دنياه . ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك ".
وروي أيضا من حديث شعبة ، عن عمر بن سليمان عن عبد الرحمن بن أبان ، عن أبيه ، عن زيد بن ثابت:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له . ومن كانت الآخرة نيته ، جمع له أمره ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ".
( والعاقبة للتقوى ) أي:وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة ، وهي الجنة ، لمن اتقى الله .
وفي الصحيح:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رأيت الليلة كأنا في دار عقبة بن رافع وأنا أتينا برطب [ من رطب] ابن طاب ، فأولت ذلك أن العاقبة لنا في الدنيا والرفعة وأن ديننا قد طاب ".