/م128
واصطبر عليها: دم عليها .
132-{وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى} .
والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ،ولكل من يتأتى منه الخطاب من أمته ،أي: وأمر عائلتك وأسرتك وأمّتك ،وليأمر كل مسلم أهله بالصلاة ،فما أحسن أن يتجه البيت المسلم إلى الله في الصلاة ،وإلى قبلة واحدة وربّ واحد ؛فهذا يملأ القلب بالتقوى والطهارة ،{واصطبر عليها} .واصبر على أداء الصلاة والمداومة عليها في خشوع وخضوع ؛فإن ذلك سبيل العزّة والكرامة ،والسعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة .
{لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى} .
لا تظننّ أن الصلاة تشغلك عن أرزاق الدنيا ؛فإن الرزق قد تكلّف به الله تعالى .وطاعة الله وتقواه سبيل من سُبُل الرّزق ؛فإن الله هو الرازق ذو القوّة المتين .
قال ابن كثير:
{والعاقبة للتقوى} .أي: وحسن العاقبة في الدنيا ،وفي الآخرة وهي الجنة لمن اتقى الله .
وفي الصحيح: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( رأيت الليلة كأنا في دار ( عقبة بن رافع ) وأنّا أتينا برطب من رطب ابن طاب ،فأوّلت ذلك أنّ العاقبة لنا في الدنيا والرفعة ،وأنّ ديننا قد طاب )25 .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابته خصاصة نادى أهله: ( يا أهلاه ،صلّوا صلّوا ) ،قال ثابت: وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة26 .
وأخرج الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله تعالى: يا ابن آدم ،تفرّغ لعبادتي ؛املأ صدرك غنى وأسدّ فقرك ،وإن لم تفعل ؛ملأت صدرك شغلا ،ولم أسدّ فقرك )27 .
إننا نتوجّه بهذه الآية الكريمة إلى شباب المسلمين ،ورجالهم وفتياتهم ونسائهم ،وإلى كل مسلم ومسلمة ،نقول لهم: أقيموا الصلاة وأمروا بها أهلكم ،واصطبروا على أدائها في خشوعها وآدابها ،وهذا هو سبيل الاستقامة والنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة والله تعالى يقول:{ومن يتّق الله يجعل له مخرجا .ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكّل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا} .( الطلاق: 3 ، 2 ) .
أخرج مالك والبيهقي عن أسلم قال: كان عمر بن الخطاب يصلّي من الليل ما شاء الله تعالى أن يصلي ،حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ،ويقول لهم: الصلاة الصلاة ،ويتلو هذه الآية:{وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى} .