/م128
ولا تمدن عينيك: لا تطيلن النظر ؛رغبة واستحسانا .
متعنا: جعلناهم يتلذذون بما يدركون به المناظر الحسنة ،ويشمّون من الروائح الطيبة .
أزواجا: أشكالا وأشباها .
زهرة الحياة الدنيا: زينتها وبهجتها .
لنفتنهم: لنبتليهم ونختبرهم .
ورزق ربك: ما ادّخره لك .
131-{ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى} .
أعطاك الله الرسالة والنبوة ونجاح الدعوة ،وأعطاك في الآخرة الشفاعة ،وقال سبحانه:{ولسوف يعطيك ربّك فترضى} .( الضحى: 5 ) .وقال عز شأنه:{عسى أن يبعثك ربّك مقاما محمودا} .( الإسراء: 79 ) .وهو تفسير لقوله تعالى:{لعلّك ترضى} .( طه: 130 ) .
وهذه الآية تنهي الرسول صلى الله عليه وسلم والمراد: أمّته ،عن النظر إلى ما أعطى الكفار من زهرة الدنيا ومُتعها ؛نظر إعجاب وإكبار .أمّا النظرة العاجلة غير الممدودة التي تستكشف الطريق ،وتنظر نظرا غير ممدود ولا مستعظم فلا بأس بها .
وقال ابن كثير:
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تنظر إلى ما في فيه هؤلاء المترفون ،وأشباههم ونظرائهم من النعيم ؛فإنما هو زهرة زائلة ونعمة حائلة ؛لنختبرهم بذلك ،وقليل من عبادي الشكور .
وقال مجاهد:{أزواجا منهم} .يعني: الأغنياء فقد آتاك الله خيرا ما آتاهم ،كما قال في الآية الأخرى:{ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم .لا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين} .( الحجر: 88 ، 87 ) .
وقال في ظلال القرآن:
{ولا تمدّن عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا منهم} .من عرض حياة الدنيا ،من زينة ومتاع ،ومال وأولاد ،وجاه وسلطان .
{زهرة الحياة الدنيا} .التي تطلعها كما يطلع النبات زهرته لامعة جاذبة ،والزهرة سريعة الذبول ؛على ما بها من رواء وزواق ،فإنما نمتّعهم بها ابتلاء ؛{لنفتنهم فيه} .فنكشف عن معادنهم ،بسلوكهم مع هذه النعمة ،وبذلك المتاع ،وهو متاع زائل كالزهرة سرعان ما تذبل .
{ورزق ربّك خير وأبقى} .وهو رزق للنعمة لا للفتنة ،رزق طيّب خيّرٌ باق ،لا يذبل ولا يخدع ولا يفتن ،وما هي دعوة للزهد في طيبات الحياة ،ولكنها دعوة إلى الاعتزاز بالقيم الأصيلة الباقية ،وبالصلة بالله والرضا به ،فلا تتهاوى النفوس أمام زينة الثراء ،ولا تفقد اعتزازها بالقيم العليا ،وتبقى دائما تحسُّ حرية الاستعلاء على الزخارف الباطلة التي تبهر الأنظار24 .
وخلاصة هذا: التنفير من الانهماك في التمتّع بزهرة الدنيا لسوء عاقبتها .