قال الإمام أحمد:حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال:سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر؟ قال:"أن تجعل لله ندا وهو خلقك ". قال:ثم أي؟ قال:"أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ". قال:ثم أي؟ قال:"أن تزاني حليلة جارك ". قال عبد الله:وأنزل الله تصديق ذلك:( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) .
وهكذا رواه النسائي عن هناد بن السري ، عن أبي معاوية ، به .
وقد أخرجه البخاري ومسلم ، من حديث الأعمش ومنصور - زاد البخاري:وواصل - ثلاثتهم عن أبي وائل ، شقيق بن سلمة ، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل ، عن ابن مسعود ، به ، فالله أعلم ، ولفظهما عن ابن مسعود قال:قلت:يا رسول الله ، أي الذنب أعظم؟ الحديث .
طريق غريب:وقال ابن جرير:حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي ، حدثنا عامر بن مدرك ، حدثنا السري - يعني ابن إسماعيل - حدثنا الشعبي ، عن مسروق قال:قال عبد الله:خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فاتبعته ، فجلس على نشز من الأرض ، وقعدت أسفل منه ، ووجهي حيال ركبتيه ، واغتنمت خلوته وقلت:بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، أي الذنوب أكبر؟ قال:"أن تدعو لله ندا وهو خلقك ". قلت:ثم مه؟ قال:"أن تقتل ولدك كراهية أن يطعم معك ". قلت:ثم مه؟ قال:"أن تزاني حليلة جارك ". ثم قرأ:( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) . [ إلى آخر] الآية .
وقال النسائي:حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن سلمة بن قيس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع:"ألا إنما هي أربع - فما أنا بأشح عليهن مني منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم -:لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا ".
وقال الإمام أحمد:حدثنا علي بن المديني ، رحمه الله ، حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان ، حدثنا محمد بن سعد الأنصاري ، سمعت أبا طبية الكلاعي ، سمعت المقداد بن الأسود ، رضي الله عنه ، يقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"ما تقولون في الزنى "؟ قالوا:حرمه الله ورسوله ، فهو حرام إلى يوم القيامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره ". قال:"ما تقولون في السرقة "؟ قالوا:حرمها الله ورسوله ، فهي حرام . قال:"لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره ".
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا:حدثنا عمار بن نصر ، حدثنا بقية ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن الهيثم بن مالك الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم:قال:"ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له ".
وقال ابن جريج:أخبرني يعلى ، عن سعيد بن جبير أنه سمعه يحدث عن ابن عباس:أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا ، وزنوا فأكثروا ، ثم أتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا:إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن ، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة ، فنزلت:( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ) ، ونزلت:( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا [ إنه هو الغفور الرحيم] ) [ الزمر:53] .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن أبي فاختة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل:"إن الله ينهاك أن تعبد المخلوق وتدع الخالق ، وينهاك أن تقتل ولدك وتغذو كلبك ، وينهاك أن تزني بحليلة جارك ". قال سفيان:وهو قوله:( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ) .
وقوله:( ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) . روي عن عبد الله بن عمرو أنه قال:( أثاما ) واد في جهنم .
وقال عكرمة:( يلق أثاما ) أودية في جهنم يعذب فيها الزناة . وكذا روي عن سعيد بن جبير ، ومجاهد .
وقال قتادة:( يلق أثاما ) نكالا كنا نحدث أنه واد في جهنم .
وقد ذكر لنا أن لقمان كان يقول:يا بني ، إياك والزنى ، فإن أوله مخافة ، وآخره ندامة .
وقد ورد في الحديث الذي رواه ابن جرير وغيره ، عن أبي أمامة الباهلي - موقوفا ومرفوعا - أن "غيا "و "أثاما "بئران في قعر جهنم أجارنا الله منها بمنه وكرمه .
وقال السدي:( يلق أثاما ):جزاء .
وهذا أشبه بظاهر الآية; ولهذا فسره بما بعده مبدلا منه ، وهو قوله: