وقوله:( وقرن في بيوتكن ) أي:الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وليخرجن وهن تفلات "وفي رواية:"وبيوتهن خير لهن "
وقال الحافظ أبو بكر البزار:حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا أبو رجاء الكلبي ، روح بن المسيب ثقة ، حدثنا ثابت البناني عن أنس ، رضي الله عنه ، قال:جئن النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن:يا رسول الله ، ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله تعالى ، فما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قعد - أو كلمة نحوها - منكن في بيتها فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله "
ثم قال:لا نعلم رواه عن ثابت إلا روح بن المسيب ، وهو رجل من أهل البصرة مشهور
وقال البزار أيضا:حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عمرو بن عاصم ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن مورق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان ، وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها "
ورواه الترمذي ، عن بندار ، عن عمرو بن عاصم ، به نحوه
وروى البزار بإسناده المتقدم ، وأبو داود أيضا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها ، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها "وهذا إسناد جيد وقوله تعالى:( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) قال مجاهد:كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال ، فذلك تبرج الجاهلية
وقال قتادة:( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) يقول:إذا خرجتن من بيوتكن - وكانت لهن مشية وتكسر وتغنج - فنهى الله عن ذلك
وقال مقاتل بن حيان:( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) والتبرج:أنها تلقي الخمار على رأسها ، ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ، ويبدو ذلك كله منها ، وذلك التبرج ، ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج وقال ابن جرير:حدثني ابن زهير ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا داود - يعني ابن أبي الفرات - حدثنا علي بن أحمر ، عن عكرمة عن ابن عباس قال:تلا هذه الآية:( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) قال:كانت فيما بين نوح وإدريس ، وكانت ألف سنة ، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل ، والآخر يسكن الجبل وكان رجال الجبل صباحا وفي النساء دمامة وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة ، وإن إبليس أتى رجلا من أهل السهل في صورة غلام ، فآجر نفسه منه ، فكان يخدمه واتخذ إبليس شيئا مثل الذي يزمر فيه الرعاء ، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله ، فبلغ ذلك من حوله ، فانتابوهم يسمعون إليه ، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة ، فيتبرج النساء للرجال قال:ويتزين الرجال لهن ، وإن رجلا من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك ، فرأى النساء وصباحتهن ، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك ، فتحولوا إليهن ، فنزلوا معهن وظهرت الفاحشة فيهن ، فهو قوله تعالى:( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )
وقوله:( وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ) ، نهاهن أولا عن الشر ثم أمرهن بالخير ، من إقامة الصلاة - وهي:عبادة الله ، وحده لا شريك له - وإيتاء الزكاة ، وهي:الإحسان إلى المخلوقين ، ( وأطعن الله ورسوله ) ، وهذا من باب عطف العام على الخاص وقوله:( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ):وهذا نص في دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أهل البيت هاهنا; لأنهن سبب نزول هذه الآية ، وسبب النزول داخل فيه قولا واحدا ، إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح
وروى ابن جرير:عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق:( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، وهكذا روى ابن أبي حاتم قال:
حدثنا علي بن حرب الموصلي ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا حسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله:( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) قال:نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة
وقال عكرمة:من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
فإن كان المراد أنهن كن سبب النزول دون غيرهن فصحيح ، وإن أريد أنهن المراد فقط دون غيرهن ، ففي هذا نظر; فإنه قد وردت أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك:
الحديث الأول:قال الإمام أحمد:حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، أخبرنا علي بن زيد ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول:"الصلاة يا أهل البيت ، ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )
ورواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن عفان به وقال:حسن غريب
حديث آخر:قال ابن جرير:حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، أخبرني أبو داود ، عن أبي الحمراء قال:رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ قال:رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم] إذا طلع الفجر ، جاء إلى باب علي وفاطمة فقال:"الصلاة الصلاة ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )
أبو داود الأعمى هو:نفيع بن الحارث ، كذاب
حديث آخر:وقال الإمام أحمد أيضا:حدثنا محمد بن مصعب ، حدثنا الأوزاعي ، حدثنا شداد أبو عمار قال:دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده قوم ، فذكروا عليا ، رضي الله عنه ، فلما قاموا قال لي:ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله الله عليه وسلم ؟ قلت:بلى قال:أتيت فاطمة أسألها عن علي فقالت:توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه علي وحسن وحسين ، آخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل ، فأدنى عليا وفاطمة وأجلسهما بين يديه ، وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه ، ثم لف عليهم ثوبه - أو قال:كساءه - ثم تلا هذه الآية:( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، اللهم هؤلاء أهل بيتي ، وأهل بيتي أحق "، وقد رواه أبو جعفر بن جرير عن عبد الكريم بن أبي عمير ، عن الوليد بن مسلم ، عن أبي عمرو الأوزاعي بسنده نحوه - زاد في آخره:قال واثلة:فقلت:وأنا يا رسول الله - صلى الله عليك - من أهلك ؟ قال:"وأنت من أهلي "قال واثلة:إنها من أرجى ما أرتجي
ثم رواه أيضا عن عبد الأعلى بن واصل ، عن الفضل بن دكين ، عن عبد السلام بن حرب ، عن كلثوم المحاربي ، عن شداد أبي عمار قال:إني لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليا فشتموه ، فلما قاموا قال:اجلس حتى أخبرك عن الذي شتموه ، إني عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين فألقى صلى الله عليه وسلم عليهم كساء له ، ثم قال:"اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "قلت:يا رسول الله ، وأنا ؟ قال:"وأنت "قال:فوالله إنها لأوثق عملي عندي
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح ، حدثني من سمع أم سلمة تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها ، فأتته فاطمة ، رضي الله عنها ، ببرمة فيها خزيرة ، فدخلت بها عليه فقال لها:"ادعي زوجك وابنيك "قالت:فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا عليه ، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة ، وهو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري ، قالت:وأنا في الحجرة أصلي ، فأنزل الله ، عز وجل ، هذه الآية:( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) قالت:فأخذ فضل الكساء فغطاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ، ثم قال:"اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "، قالت:فأدخلت رأسي البيت ، فقلت:وأنا معكم يا رسول الله ؟ فقال:"إنك إلى خير ، إنك إلى خير "
في إسناده من لم يسم ، وهو شيخ عطاء ، وبقية رجاله ثقات
طريق أخرى:قال الإمام أحمد:حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا عوف ، عن أبي المعدل ، عن عطية الطفاوي ، عن أبيه; أن أم سلمة حدثته قالت:بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي يوما إذ قال الخادم:إن فاطمة وعليا بالسدة قالت:فقال لي:"قومي فتنحي عن أهل بيتي "قالت:فقمت فتنحيت في البيت قريبا ، فدخل علي وفاطمة ، ومعهما الحسن والحسين ، وهما صبيان صغيران ، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما ، واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة باليد الأخرى ، وقبل فاطمة وقبل عليا ، وأغدق عليهم خميصة سوداء وقال:"اللهم ، إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي "قالت:فقلت:وأنا يا رسول الله ؟ صلى الله عليك قال:"وأنت "
طريق أخرى:قال ابن جرير:حدثنا أبو كريب ، حدثنا [ الحسن بن عطية ، حدثنا] فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أم سلمة ; أن هذه الآية نزلت في بيتها:( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) قالت:وأنا جالسة على باب البيت فقلت:يا رسول الله ، ألست من أهل البيت ؟ فقال:"إنك إلى خير ، أنت من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم "قالت:وفي البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، رضي الله عنهم
طريق أخرى:رواه ابن جرير أيضا ، عن أبي كريب ، عن وكيع ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة بنحوه
طريق أخرى:قال ابن جرير:حدثنا أبو كريب ، حدثنا خالد بن مخلد ، حدثني موسى بن يعقوب ، حدثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن عبد الله بن وهب بن زمعة قال:أخبرتني أم سلمة ، رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع فاطمة والحسن والحسين ، ثم أدخلهم تحت ثوبه ، ثم جأر إلى الله ، عز وجل ، ثم قال:"هؤلاء أهل بيتي "قالت أم سلمة:فقلت:يا رسول الله ، أدخلني معهم فقال:"أنت من أهلي "
طريق أخرى:رواه ابن جرير أيضا ، عن أحمد بن محمد الطوسي ، عن عبد الرحمن بن صالح ، عن محمد بن سليمان الأصبهاني ، عن يحيى بن عبيد المكي ، عن عطاء ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أمه بنحو ذلك
طريق أخرى:قال ابن جرير:حدثنا أبو كريب ، حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا سعيد بن زربي ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن أم سلمة قالت:جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحملها على طبق ، فوضعتها بين يديه فقال:"أين ابن عمك وابناك ؟ "فقالت:في البيت فقال:"ادعيهم "فجاءت إلى علي فقالت:أجب رسول الله أنت وابناك قالت أم سلمة:فلما رآهم مقبلين مد يده إلى كساء كان على المنامة ، فمده وبسطه ، وأجلسهم عليه ، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله ، فضمه فوق رؤوسهم ، وأومأ بيده اليمنى إلى ربه ، عز وجل ، فقال:"اللهم ، هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "
طريق أخرى:قال ابن جرير:حدثنا ابن حميد ، حدثنا عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن حكيم بن سعد قال:ذكرنا علي بن أبي طالب عند أم سلمة ، فقالت:في بيتي نزلت:( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) قالت أم سلمة:جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتي فقال:"لا تأذني لأحد "فجاءت فاطمة فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها ثم جاء الحسن فلم أستطع أن أحجبه عن أمه وجده ، ثم جاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه ، ثم جاء علي فلم أستطع أن أحجبه ، فاجتمعوا فجللهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه ، ثم قال:"هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط قالت:فقلت:يا رسول الله ، وأنا ؟ قالت:فوالله ما أنعم ، وقال:"إنك إلى خير "
حديث آخر:قال ابن جرير ، حدثنا ابن وكيع ، حدثنا محمد بن بشر عن زكريا ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة قالت:قالت عائشة ، رضي الله عنها:خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة ، وعليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله معه ، ثم جاء الحسين فأدخله معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه ، ثم جاء علي فأدخله معه ، ثم قال:( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )
ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن بشر ، به
طريق أخرى:قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا سريج بن يونس أبو الحارث ، حدثنا محمد بن يزيد ، عن العوام - يعني:ابن حوشب - عن عم له قال:دخلت مع أبي على عائشة ، فسألتها عن علي ، رضي الله عنه ، فقالت ، رضي الله عنها:تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه ؟ لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فألقى عليهم ثوبا فقال:"اللهم ، هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "قالت:فدنوت منه فقلت:يا رسول الله ، وأنا من أهل بيتك ؟ فقال:"تنحي ، فإنك على خير "
حديث آخر:قال ابن جرير حدثنا المثنى ، حدثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي ، حدثنا مندل ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نزلت هذه الآية في خمسة:في ، وفي علي ، وحسن ، وحسين ، وفاطمة:( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )
قد تقدم أن فضيل بن مرزوق رواه عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أم سلمة ، كما تقدم
وروى ابن أبي حاتم من حديث هارون بن سعد العجلي ، عن عطية ، عن أبي سعيد موقوفا ، فالله أعلم
حديث آخر:قال ابن جرير:حدثنا ابن المثنى ، حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا بكير بن مسمار قال:سمعت عامر بن سعد قال:قال سعد:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل عليه الوحي ، فأخذ عليا وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ، ثم قال:"رب ، هؤلاء أهلي وأهل بيتي "
حديث آخر:وقال مسلم في صحيحه:حدثني زهير بن حرب ، وشجاع بن مخلد جميعا ، عن ابن علية - قال زهير:حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثني أبو حيان ، حدثني يزيد بن حيان قال:انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا إليه قال له حصين:لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا [ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه ، وغزوت معه ، وصليت خلفه ، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا] ; حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:يا ابن أخي ، والله لقد كبرت سني ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما حدثتكم فاقبلوا ، وما لا فلا تكلفونيه ثم قال:قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطيبا بماء يدعى خما - بين مكة والمدينة - فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال:"أما بعد ، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، وأولهما كتاب الله ، فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به "فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال:"وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي "ثلاثا فقال له حصين:ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال:نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال:ومن هم ؟ قال هم آل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس قال:كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال:نعم
ثم رواه عن محمد بن بكار بن الريان ، عن حسان بن إبراهيم ، عن سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم ، فذكر الحديث بنحو ما تقدم ، وفيه:فقلنا له:من أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال:لا وايم الله ، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده
هكذا وقع في هذه الرواية ، والأولى أولى ، والأخذ بها أحرى وهذه الثانية تحتمل أنه أراد تفسير الأهل المذكورين في الحديث الذي رواه ، إنما المراد بهم آله الذين حرموا الصدقة ، أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط ، بل هم مع آله ، وهذا الاحتمال أرجح; جمعا بينها وبين الرواية التي قبلها ، وجمعا أيضا بين القرآن والأحاديث المتقدمة إن صحت ، فإن في بعض أسانيدها نظرا ، والله أعلم ثم الذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في قوله تعالى:( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، فإن سياق الكلام معهن; ولهذا قال تعالى بعد هذا كله: