قال الإمام أحمد:حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال:قالت أم سلمة:يا رسول الله ، يغزو الرجال ولا نغزو ، ولنا نصف الميراث . فأنزل الله عز وجل:( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض )
ورواه الترمذي عن ابن أبي عمر ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن أم سلمة أنها قالت:قلت:يا رسول الله . . . فذكره ، وقال:غريب ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، أن أم سلمة قالت . . .
ورواه ابن أبي حاتم ، وابن جرير وابن مردويه ، والحاكم في مستدركه ، من حديث الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال:قالت أم سلمة:يا رسول الله ، لا نقاتل فنستشهد ، ولا نقطع الميراث! فنزلت:( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ) ثم نزلت:( أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ) [ آل عمران:195] .
ثم قال ابن أبي حاتم:وكذا روى سفيان بن عيينة ، يعني عن ابن أبي نجيح بهذا اللفظ . وروى يحيى القطان ووكيع بن الجراح ، عن الثوري ، وعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن أم سلمة قالت:قلت:يا رسول الله . . . وروي عن مقاتل بن حيان وخصيف نحو ذلك .
وروى ابن جرير من حديث ابن جريج ، عن عكرمة ومجاهد أنهما قالا أنزلت في أم سلمة .
وقال عبد الرزاق:أخبرنا معمر ، عن شيخ من أهل مكة قال:نزلت هذه الآية في قول النساء:ليتنا الرجال فنجاهد كما يجاهدون ونغزو في سبيل الله عز وجل .
وقال ابن أبي حاتم أيضا:حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية ، حدثني أحمد بن عبد الرحمن ، حدثني أبي ، حدثنا الأشعث بن إسحاق ، عن جعفر - يعني ابن أبي المغيرة - عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في] قوله [ ( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ) قال:أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:يا نبي الله ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، وشهادة امرأتين برجل ، فنحن في العمل هكذا ، إن عملت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة . فأنزل الله هذه الآية:( ولا تتمنوا ) فإنه عدل مني ، وأنا صنعته .
وقال السدي:قوله:في الآية ( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ) فإن الرجال قالوا:نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء ، كما لنا في السهام سهمان . وقالت النساء:نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الرجال الشهداء ، فإنا لا نستطيع أن نقاتل ، ولو كتب علينا القتال لقاتلنا فأبى الله ذلك ، ولكن قال لهم:سلوني من فضلي قال:ليس بعرض الدنيا .
وقد روي عن قتادة نحو ذلك . وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس:قوله:( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ) قال ولا يتمنى الرجل فيقول:"ليت لو أن لي مال فلان وأهله! "فنهى الله عن ذلك ، ولكن يسأل الله من فضله .
وكذا قال محمد بن سيرين والحسن والضحاك وعطاء نحو ذلك وهو الظاهر من الآية ولا يرد على هذا ما ثبت في الصحيح:"لا حسد إلا في اثنتين:رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، فيقول رجل:لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثله . فهما في الأجر سواء "فإن هذا شيء غير ما نهت الآية عنه ، وذلك أن الحديث حض على تمني مثل نعمة هذا ، والآية نهت عن تمني عين نعمة هذا ، فقال:( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ) أي:في الأمور الدنيوية ، وكذا الدينية أيضا لحديث أم سلمة ، وابن عباس . وهكذا قال عطاء بن أبي رباح:نزلت في النهي عن تمني ما لفلان ، وفي تمني النساء أن يكن رجالا فيغزون . رواه ابن جرير .
ثم قال:( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ) أي:كل له جزاء على عمله بحسبه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر . وهو قول ابن جرير .
وقيل:المراد بذلك في الميراث ، أي:كل يرث بحسبه . رواه الترمذي عن ابن عباس:
ثم أرشدهم إلى ما يصلحهم فقال:( واسألوا الله من فضله )] أي [ لا تتمنوا ما فضل به بعضكم على بعض ، فإن هذا أمر محتوم ، والتمني لا يجدي شيئا ، ولكن سلوني من فضلي أعطكم; فإني كريم وهاب .
وقد روى الترمذي ، وابن مردويه من حديث حماد بن واقد:سمعت إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سلوا الله من فضله; فإن الله يحب أن يسأل وإن أفضل العبادة انتظار الفرج ".
ثم قال الترمذي:كذا رواه حماد بن واقد ، وليس بالحافظ ، ورواه أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن حكيم بن جبير ، عن رجل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحديث أبي نعيم أشبه أن يكون أصح
وكذا رواه ابن مردويه من حديث وكيع ، عن إسرائيل . ثم رواه من حديث قيس بن الربيع ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال:قال رسول الله:"سلوا الله من فضله ، فإن الله يحب أن يسأل ، وإن أحب عباده إليه الذي يحب الفرج ".
ثم قال:( إن الله كان بكل شيء عليما ) أي:هو عليم بمن يستحق الدنيا فيعطيه منها ، وبمن يستحق الفقر فيفقره ، وعليم بمن يستحق الآخرة فيقيضه لأعمالها ، وبمن يستحق الخذلان فيخذله عن تعاطي الخير وأسبابه; ولهذا قال:( إن الله كان بكل شيء عليما )