يقول تعالى:( لا يستوي المؤمنون والكافرون ، كما قال:( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ) [ الحشر:20] وقال هاهنا:( أم حسب الذين اجترحوا السيئات ) أي:عملوها وكسبوها ( أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ) أي:نساويهم بهم في الدنيا والآخرة ! ( ساء ما يحكمون ) أي:ساء ما ظنوا بنا وبعدلنا أن نساوي بين الأبرار والفجار في الدار الآخرة ، وفي هذه الدار .
قال الحافظ أبو يعلى:حدثنا مؤمل بن إهاب ، حدثنا بكير بن عثمان التنوخي ، حدثنا الوضين بن عطاء ، عن يزيد بن مرثد الباجي ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال:إن الله بنى دينه على أربعة أركان ، فمن صبر عليهن ولم يعمل بهن لقي الله [ وهو] من الفاسقين . قيل:وما هن يا أبا ذر ؟ قال:يسلم حلال الله لله ، وحرام الله لله ، وأمر الله لله ، ونهي الله لله ، لا يؤتمن عليهن إلا الله .
قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -:"كما أنه لا يجتنى من الشوك العنب ، كذلك لا ينال الفجار منازل الأبرار ".
هذا حديث غريب من هذا الوجه . وقد ذكر محمد بن إسحاق في كتاب "السيرة "أنهم وجدوا حجرا بمكة في أس الكعبة مكتوب عليه:تعملون السيئات وترجون الحسنات ؟ أجل كما يجتنى من الشوك العنب .
وقد روى الطبراني من حديث شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، أن تميما الداري قام ليلة حتى أصبح يردد هذه الآية:( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات ) ; ولهذا قال تعالى:( ساء ما يحكمون )