/م21
المفردات:
اجترحوا السيئات: اكتسبوا الكفر والمعاصي .
ساء ما يحكمون: قبح ما يقضون به .
التفسير:
21-{أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} .
زعم الكافرون أن القيامة إذا قامت فإن لهم منزلة سامية عند الله ،كما كانوا في الدنيا ،فسيكونون كذلك في الآخرة ،وقد رد الله عليهم بأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات قد أطاعوا الله وأطاعوا رسوله ،فاستحقوا رضوان الله في الدنيا ،وجنته في الآخرة ،أما الكافرون فقد خالفوا أمر الله وكذبوا رسوله ،فاستحقوا غضب الله في الدنيا ،وعذاب النار في الآخرة .
قال الزمخشري:
المعنى: إنكار أن يستوي المحسنون والمسيئون محيا ،وأن يستووا مماتا ،لافتراق أحوالهم في ذلك ،والآية متضمنة للرد على الكفار ،كما يعرف بأدنى تدبر ،لأن الله إذا أنكر عليهم المساواة ،فكيف بالأفضلية ؟
المؤمنون عملوا أعمالا صالحة ،فحافظوا على الإيمان والطاعة ،وابتعدوا عن معصية الله ،والكافرون اقترفوا المعاصي والفسوق في الدنيا ،وإذا لم يستويا في الدنيا عملا ،فلن يستويا في الآخرة في الجزاء .
وقد جاء هذا المعنى في سورة السجدة ،قال تعالى:{أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون * أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون * وأما الذين فسقوا فمأواهم النار ...} ( السجدة: 18-20 ) .
وقال تعالى:{لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون} .( الحشر: 20 ) .
ومعنى الآية:
{ساء ما يحكمون} .
أي: ساء ما ظنوا ،وبعد أن نساوي بين الأبرار والفجار في الآخرة ،وفي هذه الدار .
قال مجاهد:
المؤمن يموت مؤمنا ويبعث مؤمنا ،والكافر يموت كافرا ويبعث كافرا ،نقله القرطبي في تفسيره .
وقد كان الصحابة والتابعون يرددون هذه الآية هضما لأنفسهم ،وترغيبا لأنفسهم في الحسنات ،وتزهيدا في السيئات ،فقد أخرج الطبراني ،عن أبي الضحى ،عن مسروق أن تميما الداري قام ليلة حتى أصبح يردد هذه الآية:{أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات ...}
وكان الفضيل بن عياض يقول لنفسه إذا قرأها: ليت شعري ،من أي الفريقين أنت ؟