وقوله:( نحن أعلم بما يقولون ) أي:نحن علمنا محيط بما يقول لك المشركون من التكذيب فلا يهيدنك ذلك ، كقوله [ تعالى]:( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) [ الحجر:97 - 99] .
وقوله:( وما أنت عليهم بجبار ) أي:ولست بالذي تجبر هؤلاء على الهدى ، وليس ذلك ما كلفت به .
وقال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك:( وما أنت عليهم بجبار ) أي:لا تتجبر عليهم .
والقول الأول أولى ، ولو أراد ما قالوه لقال:ولا تكن جبارا عليهم ، وإنما قال:( وما أنت عليهم بجبار ) بمعنى:وما أنت بمجبرهم على الإيمان إنما أنت مبلغ .
قال الفراء:سمعت العرب تقول:جبر فلان فلانا على كذا ، بمعنى أجبره .
ثم قال تعالى:( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) أي:بلغ أنت رسالة ربك ، فإنما يتذكر من يخاف الله ووعيده ويرجو وعده ، كقوله [ تعالى]:( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) [ الرعد:40] ، وقوله:( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ) [ الغاشية:21 ، 22] ، ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ) [ البقرة:272] ، ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) [ القصص:56] ، ولهذا قال هاهنا:( وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) كان قتادة يقول:اللهم ، اجعلنا ممن يخاف وعيدك ، ويرجو موعودك ، يا بار ، يا رحيم .
آخر تفسير سورة ( ق ) ، والحمد لله وحده ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .