ثم قال آمرا لعباده بالسجود له والعبادة المتابعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - والتوحيد والإخلاص:( فاسجدوا لله واعبدوا ) أي:فاخضعوا له وأخلصوا ووحدوا .
قال البخاري:حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال:سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنجم ، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس . انفرد به دون مسلم .
وقال الإمام أحمد:حدثنا إبراهيم بن خالد ، حدثنا رباح ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن عكرمة بن خالد ، عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة ، عن أبيه قال:قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة سورة النجم ، فسجد وسجد من عنده ، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد ، ولم يكن أسلم يومئذ المطلب ، فكان بعد ذلك لا يسمع أحدا يقرؤها إلا سجد معه .
وقد رواه النسائي في الصلاة ، عن عبد الملك بن عبد الحميد ، عن أحمد بن حنبل ، به .
ذكر حديث له مناسبة بما تقدم من قوله تعالى:( هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ) ، فإن النذير هو:الحذر لما يعاين من الشر ، الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم ، كما قال:( إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) [ سبأ:46] . وفي الحديث:"أنا النذير العريان "أي:الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئا ، بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك ، فجاءهم عريانا مسرعا . مناسب لقوله:( أزفت الآزفة ) أي:اقتربت القريبة ، يعني:يوم القيامة كما قال في أول السورة التي بعدها:( اقتربت الساعة ) [ القمر:1] ، قال الإمام أحمد:
حدثنا أنس بن عياض ، حدثني أبو حازم - لا أعلم إلا عن سهل بن سعد - قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد ، فجاء ذا بعود ، وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم ، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه ". وقال أبو حازم:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو ضمرة:لا أعلم إلا عن سهل بن سعد - قال:"مثلي ومثل الساعة كهاتين "وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ، ثم قال:"مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان "، ثم قال:"مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة ، فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه:أتيتم أتيتم ". ثم يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"أنا ذلك ". وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحسان . ولله الحمد والمنة ، وبه الثقة والعصمة .
آخر [ تفسير] سورة النجم ولله الحمد والمنة .