وقوله:( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ) قال مجاهد:أي أصناف مصنفة تعرف بأسمائها . وقال قتادة:الطير أمة ، والإنس أمة ، والجن أمة . وقال السدي:( إلا أمم أمثالكم ) أي:خلق أمثالكم .
وقوله:( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) أي:الجميع علمهم عند الله ، ولا ينسى واحدا من جميعها من رزقه وتدبيره ، سواء كان بريا أو بحريا ، كما قال:( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) [ هود:6] أي:مفصح بأسمائها وأعدادها ومظانها ، وحاصر لحركاتها وسكناتها ، وقال [ الله] تعالى:( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ) [ العنكبوت:60]
وقد قال الحافظ أبو يعلى:حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبيد بن واقد القيسي أبو عباد ، حدثني محمد بن عيسى بن كيسان ، حدثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال:قل الجراد في سنة من سني عمر ، - رضي الله عنه - ، التي ولي فيها ، فسأل عنه فلم يخبر بشيء ، فاغتم لذلك . فأرسل راكبا إلى كذا ، وآخر إلى الشام ، وآخر إلى العراق يسأل:هل رؤي من الجراد شيء أم لا؟ فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بقبضة جراد فألقاها بين يديه ، فلما رآها كبر ثلاثا ، ثم قال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"خلق الله ، عز وجل ، ألف أمة ، منها ستمائة في البحر ، وأربعمائة في البر . وأول شيء يهلك من هذه الأمم الجراد ، فإذا هلكت تتابعت مثل النظام إذا قطع سلكه .
وقوله ( ثم إلى ربهم يحشرون ) قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله:( ثم إلى ربهم يحشرون ) قال:حشرها الموت .
وكذا رواه ابن جرير من طريق إسرائيل ، عن سعيد ، عن مسروق ، عن عكرمة عن ابن عباس قال:موت البهائم حشرها . وكذا رواه العوفي ، عنه .
قال ابن أبي حاتم:وروي عن مجاهد والضحاك ، مثله .
والقول الثاني:إن حشرها هو بعثها يوم القيامة كما قال تعالى:( وإذا الوحوش حشرت ) [ التكوير:5]
وقال الإمام أحمد:حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن سليمان ، عن منذر الثوري ، عن أشياخ لهم ، عن أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى شاتين تنتطحان ، فقال:"يا أبا ذر ، هل تدر فيم تنتطحان؟ "قال:لا . قال "لكن الله يدري ، وسيقضي بينهما "
ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الأعمش ، عمن ذكره عن أبي ذر قال:بينا أنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ انتطحت عنزان ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"أتدرون فيم انتطحتا؟ "قالوا:لا ندري . قال:"لكن الله يدري ، وسيقضي بينهما ". رواه ابن جرير ، ثم رواه من طريق منذر الثوري ، عن أبي ذر ، فذكره وزاد:قال أبو ذر:ولقد تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يقلب طائر بجناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علما
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد في مسند أبيه:حدثني عباس بن محمد وأبو يحيى البزار قالا حدثنا حجاج بن نصير ، حدثنا شعبة ، عن العوام بن مراجم - من بني قيس بن ثعلبة - عن أبي عثمان النهدي ، عن عثمان ، - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن الجماء لتقتص من القرناء يوم القيامة "
وقال عبد الرزاق:أخبرنا معمر ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة في قوله:( إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ) قال:يحشر الخلق كلهم يوم القيامة ، البهائم والدواب والطير وكل شيء ، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء . قال:ثم يقول:كوني ترابا . فلذلك يقول الكافر:( يا ليتني كنت ترابا ) [ النبأ:40] ، وقد روي هذا مرفوعا في حديث الصور