يقول تعالى:( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) أي:لا أحد أظلم ممن كذب على الله ، فجعل له شريكا أو ولدا ، أو ادعى أن الله أرسله إلى الناس ولم يكن أرسله; ولهذا قال تعالى:( أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء )
قال عكرمة وقتادة:نزلت في مسيلمة الكذاب لعنه الله .
( ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ) يعني:ومن ادعى أنه يعارض ما جاء من عند الله من الوحي مما يفتريه من القول ، كما قال تعالى:( وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين ) [ الأنفال:31] ، قال الله:( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت ) أي:في سكراته وغمراته وكرباته ، ( والملائكة باسطو أيديهم ) أي:بالضرب كما قال:( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ) الآية [ المائدة:28] ، وقال:( ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ) الآية [ الممتحنة:2] .
وقال الضحاك ، وأبو صالح:( باسطو أيديهم ) أي:بالعذاب . وكما قال تعالى ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ) [ الأنفال:50] ; ولهذا قال:( والملائكة باسطو أيديهم ) أي:بالضرب لهم حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم; ولهذا يقولون لهم:( أخرجوا أنفسكم ) وذلك أن الكافر إذا احتضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال ، والأغلال والسلاسل ، والجحيم والحميم ، وغضب الرحمن الرحيم ، فتتفرق روحه في جسده ، وتعصى وتأبى الخروج ، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم ، قائلين لهم:( أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ) أي:اليوم تهانون غاية الإهانة ، كما كنتم تكذبون على الله ، وتستكبرون عن اتباع آياته ، والانقياد لرسله .
وقد وردت أحاديث متواترة في كيفية احتضار المؤمن والكافر ، وهي مقررة عند قوله تعالى:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) [ إبراهيم:27] .
وقد ذكر ابن مردويه هاهنا حديثا مطولا جدا من طريق غريبة ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مرفوعا ، فالله أعلم .