( لنجعلها لكم تذكرة ) عاد الضمير على الجنس لدلالة المعنى عليه ، أي:وأبقينا لكم من جنسها ما تركبون على تيار الماء في البحار ، كما قال:( وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه ) [ الزخرف:12 ، 13] ، وقال تعالى:( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ) [ يس:41 ، 42] .
وقال قتادة:أبقى الله السفينة حتى أدركها أوائل هذه الأمة ، والأول أظهر ; ولهذا قال:( وتعيها أذن واعية ) أي:وتفهم هذه النعمة ، وتذكرها أذن واعية .
قال ابن عباس:حافظة سامعة ، وقال قتادة:( أذن واعية ) عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتاب الله ، وقال الضحاك:( وتعيها أذن واعية ) سمعتها أذن ووعت . أي:من له سمع صحيح وعقل رجيح . وهذا عام فيمن فهم ، ووعى .
وقد قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبو زرعة الدمشقي ، حدثنا العباس بن الوليد بن صبح الدمشقي ، حدثنا زيد بن يحيى ، حدثنا علي بن حوشب ، سمعت مكحولا يقول:لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم:( وتعيها أذن واعية ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سألت ربي أن يجعلها أذن علي ". [ قال مكحول] فكان علي يقول:ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فنسيته .
وهكذا رواه ابن جرير ، عن علي بن سهل ، عن الوليد بن مسلم ، عن علي بن حوشب ، عن مكحول به . وهو حديث مرسل .
وقد قال ابن أبي حاتم أيضا:حدثنا جعفر بن محمد بن عامر ، حدثنا بشر بن آدم ، حدثنا عبد الله بن الزبير أبو محمد - يعني والد أبي أحمد الزبيري - حدثني صالح بن الهيثم ، سمعت بريدة الأسلمي يقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي:"إني أمرت أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلمك وأن تعي ، وحق لك أن تعي ". قال:فنزلت هذه الآية ( وتعيها أذن واعية )
ورواه ابن جرير عن محمد بن خلف ، عن بشر بن آدم ، به ، ثم رواه ابن جرير من طريق آخر عن داود الأعمى ، عن بريدة ، به . ولا يصح أيضا .