فقال:( وأعدوا لهم ما استطعتم ) أي:مهما أمكنكم ، ( من قوة ومن رباط الخيل )
قال الإمام أحمد:حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي علي ثمامة بن شفي ، أنه سمع عقبة بن عامر يقول:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو على المنبر:( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي
رواه مسلم ، عن هارون بن معروف ، وأبو داود عن سعيد بن منصور ، وابن ماجه عن يونس بن عبد الأعلى ، ثلاثتهم عن عبد الله بن وهب ، به .
ولهذا الحديث طرق أخر ، عن عقبة بن عامر ، منها ما رواه الترمذي ، من حديث صالح بن كيسان ، عن رجل ، عنه .
وروى الإمام أحمد وأهل السنن ، عنه قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:ارموا واركبوا ، وأن ترموا خير من أن تركبوا
وقال الإمام مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:الخيل لثلاثة:لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ؛ فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله ، فأطال لها في مرج - أو:روضة - فما أصابت في طيلها ذلك من المرج - أو:الروضة - كانت له حسنات ، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ، ولم يرد أن يسقي به ، كان ذلك حسنات له ؛ فهي لذلك الرجل أجر . ورجل ربطها تغنيا وتعففا ، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها ، فهي له ستر ، ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء فهي على ذلك وزر . وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحمر فقال:ما أنزل الله علي فيها شيئا إلا هذه الآية الجامعة الفاذة:( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة:7 ، 8] .
رواه البخاري - وهذا لفظه - ومسلم ، كلاهما من حديث مالك .
وقال الإمام أحمد:حدثنا حجاج ، أخبرنا شريك ، عن الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان ؛ عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:الخيل ثلاثة:ففرس للرحمن ، وفرس للشيطان ، وفرس للإنسان ، فأما فرس الرحمن فالذي يربط في سبيل الله ، فعلفه وروثه وبوله ، وذكر ما شاء الله . وأما فرس الشيطان فالذي يقامر أو يراهن عليه ، وأما فرس الإنسان فالفرس يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها ، فهي ستر من فقر .
وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الرمي أفضل من ركوب الخيل ، وذهب الإمام مالك إلى أن الركوب أفضل من الرمي ، وقول الجمهور أقوى للحديث ، والله أعلم .
وقال الإمام أحمد:حدثنا حجاج وهشام قالا حدثنا ليث ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شماسة:أن معاوية بن حديج مر على أبي ذر ، وهو قائم عند فرس له ، فسأله ما تعالج من فرسك هذا ؟ فقال:إني أظن أن هذا الفرس قد استجيب له دعوته ! قال:وما دعاء بهيمة من البهائم ؟ قال:والذي نفسي بيده ما من فرس إلا وهو يدعو كل سحر فيقول:اللهم أنت خولتني عبدا من عبادك ، وجعلت رزقي بيده ، فاجعلني أحب إليه من أهله وماله وولده
قال:وحدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الحميد بن جعفر ؛ حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن سويد بن قيس ؛ عن معاوية بن حديج ؛ عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:إنه ليس من فرس عربي إلا يؤذن له مع كل فجر ، يدعو بدعوتين ، يقول:اللهم إنك خولتني من خولتني من بني آدم ، فاجعلني من أحب أهله وماله إليه - أو - أحب أهله وماله إليه .
رواه النسائي ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن يحيى القطان ، به .
وقال أبو القاسم الطبراني:حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا يحيى بن حمزة ، حدثنا المطعم بن المقدام الصنعاني ، عن الحسن بن أبي الحسن أنه قال لابن الحنظلية - يعني:سهلا -:حدثنا حديثا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهلها معانون عليها ، ومن ربط فرسا في سبيل الله كانت النفقة عليه ، كالماد يده بالصدقة لا يقبضها .
والأحاديث الواردة في فضل ارتباط الخيل كثيرة ، وفي صحيح البخاري ، عن عروة بن أبي الجعد البارقي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة:الأجر والمغنم .
وقوله:ترهبون أي:تخوفون ( به عدو الله وعدوكم ) أي من الكفار ( وآخرين من دونهم ) قال مجاهد:يعني قريظة ، وقال السدي:فارس ، وقال سفيان الثوري:قال ابن يمان:هم الشياطين التي في الدور . وقد ورد حديث بمثل ذلك ، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي ، حدثنا أبو حيوة - يعني شريح بن يزيد المقرئ - حدثنا سعيد بن سنان ، عن ابن عريب - يعني يزيد بن عبد الله بن عريب - عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في قوله:( وآخرين من دونهم لا تعلمونهم ) قال:هم الجن .
ورواه الطبراني ، عن إبراهيم بن دحيم ؛ عن أبيه ، عن محمد بن شعيب ؛ عن سعيد بن سنان عن يزيد بن عبد الله بن عريب ، به ، وزاد:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:لا يخبل بيت فيه عتيق من الخيل .
وهذا الحديث منكر ، لا يصح إسناده ولا متنه .
وقال مقاتل بن حيان ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم:هم المنافقون .
وهذا أشبه الأقوال ، ويشهد له قوله:( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم ) [ التوبة:101] .
وقوله:( وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ) أي:مهما أنفقتم في الجهاد ، فإنه يوفى إليكم على التمام والكمال ، ولهذا جاء في حديث رواه أبو داود:أن الدرهم يضاعف ثوابه في سبيل الله إلى سبعمائة ضعف كما تقدم في قوله تعالى:( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) [ البقرة:261] .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، حدثنا الأشعث بن إسحاق ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمر ألا يتصدق إلا على أهل الإسلام ، حتى نزلت:( وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم ) فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين . وهذا أيضا غريب .