قال أبو معشر المديني عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا:قال رجل من المنافقين:ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا ، وأكذبنا ألسنة ، وأجبننا عند اللقاء . فرفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته ، فقال:يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب . فقال:( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ) إلى قوله:( مجرمين ) وإن رجليه لتنسفان الحجارة وما يلتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متعلق بنسعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال عبد الله بن وهب:أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عمر قال:قال رجل في غزوة تبوك في مجلسك ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء ، أرغب بطونا ، ولا أكذب ألسنا ، ولا أجبن عند اللقاء . فقال رجل في المسجد:كذبت ، ولكنك منافق . لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن . قال عبد الله بن عمر:وأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنكبه الحجارة وهو يقول:يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب . ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) .
وقد رواه الليث ، عن هشام بن سعد ، بنحو من هذا .
وقال ابن إسحاق:وقد كان جماعة من المنافقين منهم وديعة بن ثابت ، أخو بني أمية بن زيد ، من بني عمرو بن عوف ، ورجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له:مخشن بن حمير يشيرون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو منطلق إلى تبوك ، فقال بعضهم لبعض:أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا ؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال ، إرجافا وترهيبا للمؤمنين ، فقال مخشن بن حمير:والله لوددت أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ، وأنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - لعمار بن ياسر:أدرك القوم ، فإنهم قد احترقوا ، فسلهم عما قالوا ، فإن أنكروا فقل:بلى ، قلتم كذا وكذا . فانطلق إليهمعمار ، فقال ذلك لهم ، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون إليه ، فقال وديعة بن ثابت ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف على راحلته ، فجعل يقول وهو آخذ بحقبها:يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب ، [ فأنزل الله - عز وجل -:( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب )] فقال مخشن بن حمير:يا رسول الله ، قعد بي اسمي واسم أبي . فكان الذي عفي عنه في هذه الآية مخشن بن حمير ، فتسمى عبد الرحمن ، وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمكانه ، فقتل يوم اليمامة ، فلم يوجد له أثر .
وقال قتادة:( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ) قال:فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ، وركب من المنافقين يسيرون بين يديه ، فقالوا:يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها . هيهات هيهات . فأطلع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ما قالوا ، فقال:علي بهؤلاء النفر . فدعاهم ، فقال:قلتم كذا وكذا . فحلفوا ما كنا إلا نخوض ونلعب .
وقال عكرمة في تفسير هذه الآية:كان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقول:اللهم إني أسمع آية أنا أعنى بها ، تقشعر منها الجلود ، وتجب منها القلوب ، اللهم فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك ، لا يقول أحد:أنا غسلت ، أنا كفنت ، أنا دفنت ، قال:فأصيب يوم اليمامة ، فما أحد من المسلمين إلا وقد وجد غيره .