لما بيّن تعالى الحق من الباطل ذكر أن الناس على قسمين:مستجيب لربه، فذكر ثوابه، وغير مستجيب فذكر عقابه فقال:{ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ} أي:انقادت قلوبهم للعلم والإيمان وجوارحهم للأمر والنهي، وصاروا موافقين لربهم فيما يريده منهم، فلهم{ الْحُسْنَى} أي:الحالة الحسنة والثواب الحسن.
فلهم من الصفات أجلها ومن المناقب أفضلها ومن الثواب العاجل والآجل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر،{ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ} بعد ما ضرب لهم الأمثال وبين لهم الحق، لهم الحالة غير الحسنة، فـ{ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} من ذهب وفضة وغيرها،{ وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ} من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم وأنى لهم ذلك؟"
{ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ} وهو الحساب الذي يأتي على كل ما أسلفوه من عمل سيئ وما ضيعوه من حقوق الله وحقوق عباده قد كتب ذلك وسطر عليهم وقالوا:{ يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا}{ و} بعد هذا الحساب السيئ{ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} الجامعة لكل عذاب، من الجوع الشديد، والعطش الوجيع، والنار الحامية والزقوم والزمهرير، والضريع وجميع ما ذكره الله من أصناف العذاب{ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} أي:المقر والمسكن مسكنهم.