القول في تأويل قوله تعالى:قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:(قل)، يا محمد، (هل من شركائكم)، يعني من الآلهة والأوثان، (من يبدأ الخلق ثم يعيده)، يقول:من ينشئ خَلْق شيء من غير أصل، فيحدث خلقَه ابتداءً، (ثم يعيده)، يقول:ثم يفنيه بعد إنشائه، ثم يعيده كهيئته قبل أن يفنيَه، فإنهم لا يقدرون على دعوى ذلك لها. وفي ذلك الحجة القاطعة والدِّلالة الواضحة على أنهم في دعواهم أنها أربابٌ ، وهي لله في العبادة شركاء ، كاذبون مفترون.
فقل لهم حينئذ ، يا محمد:الله يبدأ الخلق فينشئه من غير شيء ، ويحدثه من غير أصل ، ثم يفنيه إذا شاء، ثم يعيده إذا أراد كهيئته قبل الفناء، (فأنى تؤفكون) ، يقول:فأيّ وجه عن قصد السبيل وطريق الرُّشد تُصْرَفون وتُقْلَبُون؟ (1) كما:-
17659- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن:(فأنى تؤفكون) ، قال:أنى تصرفون؟
* * *
وقد بينا اختلاف المختلفين في تأويل قوله:(أنى تؤفكون) ، والصواب من القول في ذلك عندنا ، بشواهده في "سورة الأنعام ". (2)
------------------------
الهوامش:
(1) انظر تفسير "الأفك "فيما سلف 10:486 / 11:554 / 14:208 .
(2) انظر ما سلف 11:554 ، وقوله أنه ذكر في سورة الأنعام ، وهم من أبي جعفر ، فإنه لم يفصل بيان معنى "الأفك "، إلا في سورة المائدة ( 10:485 ، 468 ) . ولم يذكر قط اختلاف المختلفين في تفسيره . فأخشى أن يدل هذا النص ، على أن أبا جعفر كان قد باعد بين أطراف تفسيره ، فكان ينسى الموضع الذي فصل فيه أحيانًا ، بل لعل هذا يدل أيضًا على أنه كان قد شرع في التفسير مطولا ، كما ذكر في ترجمته ، ثم اختصره هذا الاختصار . ويدل أيضًا ، إذا صح ما قلته ، على أنه كان قد أعد مادة كتابه إعدادًا تامًا ، ثم أدخل في كتابة تفسيره تعديلا كبيرًا ، فلم يثبت فيه كل ما كان أعده له . والله تعالى أعلم .