بعد أن بين سبحانه أنه الخالق للكون والأرزاق ، والمدبر للوجود وحده أخذ يبين عجز من اتخذوهم أربابا من دونه ، فقال تعالى:{ قل هل من شركائكم من يبدؤ الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون34} .
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتولى جدالهم وإفحامهم وأن يسألهم{ هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده} ، وشركاؤهم:الأوثان والأحجار والأناسي التي ادعوا أنها شركاء لله في العبادة ، أي هل في الأوثان التي تعبدونها أو غيرها مما زعمتم من يبدأ الخلق ثم يعيده .
والتعبير بالمضارع لإفادة استمرار البدء والإعادة ، كالزرع في خلقه وتكوينه ثم يصير حطاما ، ثم يعاد مرة أخرى .
وفي النص الكريم إشارة إلى القدرة على الإعادة كالقدرة على الابتداء ، كما قال في آية أخرى:{. . . .كما بدأكم تعودون29}( الأعراف ) ، فالإشارة واضحة إلى إمكان البعث بل وجوبه وقد أنكروه ولأنهم لا يؤمنون بالإعادة وينكرونها أمر الله تعالى نبيه بأن يتولى الإجابة على إنكارهم ، وللإشارةالى أن ذلك موضع تسليم لا امتراء عند أهل العقول المستقيمة ، وأيضا لمنع لجاجتهم ولإرشادهم إلى القح:{ قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده}وإذا كانوا ينكرون الإعادة من الله فأولى أن ينكروها من أحجار لا تضر ولا تنفع ، بل إنهم يعلمون أنها لا تستطيع الإنشاء فأولى ألا تستطيع الإعادة .
ولذلك تولى النبي صلى الله عليه وسلم الإجابة ليقيم الحجة عليهم بأن ما بدأ يستطيع الإعادة{ فأنى تؤفكون} أي تصرفون عن الحق إلى الباطل .
( الفاء ) لترتيب الاستفهام الإنكاري على إنكارهم المستمر والموقف السلبي الذي يقفونه لا يتحركون بخطوة إيجابية إلا في الإيذاء والاستهزاء والفتنة في الدين ، والاستفهام إنكاري لإنكار الواقع ، فالله تعالى ينكر انصرافهم عن الحق ولجاجتهم في الانصراف والاستمرار في غيهم{ فأنى}بمعنى"كيف".