القول في تأويل قوله تعالى:إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)
قال أبو جعفر:يقول:إني على الله الذي هو مالكي ومالككم ، والقيِّم على جميع خلقه ، توكلت من أن تصيبوني ، أنتم وغيركم من الخلق بسوء، (5) فإنه ليس من شيء يدب على الأرض ، (6) إلا والله مالكه، وهو في قبضته وسلطانه. ذليلٌ له خاضعٌ.
* * *
فإن قال قائل:وكيف قيل:(هو آخذ بناصيتها)، فخص بالأخذ "الناصية "دون سائر أماكن الجسد.
قيل:لأن العرب كانت تستعمل ذلك في وصفها من وصفته بالذلة والخضوع، فتقول:"ما ناصية فلان إلا بيد فلان "، أي:أنه له مطيع يصرفه كيف شاء . وكانوا إذا أسروا الأسير فأرادوا إطلاقه والمنّ عليه ، جزُّوا ناصيته ، ليعتدّوا بذلك عليه فخرًا عند المفاخرة. فخاطبهم الله بما يعرفون في كلامهم، والمعنى ما ذكرت.
* * *
وقوله:(إن ربي على صراط مستقيم) ، يقول:إن ربي على طريق الحق، يجازي المحسن من خلقه بإحسانه والمسيء بإساءته، لا يظلم أحدًا منهم شيئًا ولا يقبل منهم إلا الإسلام والإيمان به، (7) كما:-
18278- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(إن ربي على صراط مستقيم) ، الحقّ .
18279- حدثني المثني قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
18280- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
18281- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
----------------------
الهوامش:
(5) انظر تفسير "التوكل "فيما سلف من فهارس اللغة ( وكل ) .
(6) انظر تفسير "دابة "فيما سلف ص:240 ، تعليق:1 ، والمراجع هناك .
(7) انظر تفسير "صراط مستقيم "فيما سلف من فهارس اللغة ( سرط ) ، ( قوم ) .