القول في تأويل قوله تعالى:قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:قال شعيب لقومه:يا قوم أرأيتم إن كنت على بيان وبرهان من ربي فيما أدعوكم إليه من عبادة الله، والبراءة من عبادة الأوثان والأصنام، وفيما أنهاكم عنه من إفساد المال، (ورزقني منه رزقًا حسنًا)، يعني حلالا طيّبًا.
* * *
(وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) ، يقول:وما أريد أن أنهاكم عن أمر ثم أفعلُ خلافه، بل لا أفعل إلا ما آمركم به، ولا أنتهي إلا عما أنهاكم عنه. كما:-
18496- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة:(وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) ، يقول:لم أكن لأنهاكم عن أمر أركبه أو آتيه.
* * *
، (إن أريد إلا الإصلاح)، يقول:ما أريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه، إلا إصلاحكم وإصلاح أمركم، (ما استطعت) ، يقول:ما قدرت على إصلاحه ، لئلا ينالكم من الله عقوبة منكِّلة، بخلافكم أمره ، ومعصيتكم رسوله، (وما توفيقي إلا بالله) يقول:وما إصابتي الحق في محاولتي إصلاحكم وإصلاح أمركم إلا بالله، فإنه هو المعين على ذلك، إلا يعنّي عليه لم أصب الحق فيه.
* * *
وقوله:(عليه توكلت) ، يقول:إلى الله أفوض أمري، فإنه ثقتي ، (44) وعليه اعتمادي في أموري. (45)
* * *
وقوله:(وإليه أنيب) ، وإليه أقبل بالطاعة ،وأرجع بالتوبة، (46) كما:-
18497- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(وإليه أنيب)، قال:أرجع.
18498- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
18499- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، قال ،
18500- . . . . وحدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:(وإليه أنيب) ، قال:أرجع.
18501- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله:(وإليه أنيب) ، قال:أرجع.
* * *
------------------------
الهوامش:
(44) في المطبوعة والمخطوطة:"فإنه ثقتي "، ولعل الصواب ما أثبت .
(45) انظر تفسير "التوكل "فيما سلف من فهارس اللغة ( وكل ) .
(46) انظر تفسير "الإنابة "فيما سلف ص:406 .