القول في تأويل قوله تعالى:وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25)
قال أبو جعفر:يقول جل ثناؤه:واستبق يوسف وامرأة العزيز بابَ البيت، (38) أما يوسف ففرارًا من ركوب الفاحشة لما رأى برهان ربه فزجره عنها، وأما المرأة فطلبها ليوسف لتقضي حاجتها منه التي راودته عليها , فأدركته فتعلقت بقميصه , فجذبته إليها مانعةً له من الخروج من الباب، , فقدَّته من دبر،يعني:شقته من خلف لا من قدام، (39) لأن يوسف كان هو الهارب، وكانت هي الطالبة، كما:-
19091 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال:حدثنا محمد بن ثور , عن &; 16-51 &; معمر , عن قتادة:(واستبقا الباب) ، قال:استبق هو والمرأة الباب ,(وقدت قميصه من دبر).
19092 - حدثنا ابن حميد , قال:حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال:لما رأى برهان ربه , انكشفَ عنها هاربًا , واتبعته , فأخذت قميصه من دبر، فشقَّته عليه.
* * *
وقوله:(وألفيا سيدها لدى الباب) ، يقول جل ثناؤه:وصادفا سيدها (40)،وهو زوج المرأة (41)، "لدى الباب ",يعني:عند الباب (42) . كالذي:-
19093 - حدثني الحارث , قال:حدثنا عبد العزيز , قال:حدثنا الثوري , عن رجل , عن مجاهد:(وألفيا سيدها) ، قال:سيدها:زوجها،,(لدى الباب) ، قال:عند الباب.
19094 - حدثني المثنى , قال:حدثنا إسحاق , قال:حدثنا يحيى بن سعيد , عن أشعث , عن الحسن , عن زيد بن ثابت , قال ":السيد "، الزوج.
19095 - حدثنا بشر , قال:حدثنا يزيد , قال:حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله:(وألفيا سيدها لدى الباب) ، أي:عند الباب.
19096 - حدثنا ابن وكيع , قال:حدثنا عمرو بن محمد , عن أسباط , عن السدي:(وألفيا سيدها لدى الباب) ، قال:جالسًا عند الباب وابن عمّها معه، فلما رأته قالت:ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا؟ إنه راودني عن نفسي , فدفعته عن نفسي , فشققت قميصه. قال يوسف:بل هي راودتني عن نفسي , وفررت منها فأدركتني , فشقت قميصي. فقال ابن عمها:تِبْيان هذا في القميص , &; 16-52 &; فإن كان القميص , قدّ من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين , وإن كان قميصه قدّ من دبر فكذبت وهو من الصادقين . فأتي بالقميص , فوجده قدّ من دبر قال:إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ.
19097 - حدثنا ابن حميد , قال:حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق:(وألفيا سيدها لدى الباب) ، إطفير، قائمًا على باب البيت، فقالت وهابَتْه:(ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا إلا أن يسجن أو عذاب أليم) ولطخته مكانها بالسيئة، فَرَقًا من أن يتهمها صاحبُها على القبيح. فقال هو , وصَدقه الحديث:هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي.
* * *
وقوله:(قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا) يقول تعالى ذكره:قالت امرأة العزيز لزوجها لما ألفياه عند الباب , فخافت أن يتهمها بالفجور:ما ثواب رجل أرادَ بامرأتك الزنا إلا أن يسجن في السجن، (43) أو إلا عذاب أليم،يقول:موجع.
* * *
وإنما قال:(إلا أن يسجن أو عذاب أليم) ، لأن قوله:(إلا أن يسجن) ، بمعنى إلا السجن , فعطف "العذاب "عليه ; وذلك أن "أن "وما عملت فيه بمنـزلة الاسم.
----------------------
الهوامش:
(38) انظر تفسير"الاستباق"فيما سلف 15:577 ، تعليق:2 ، والمراجع هناك .
(39) انظر تفسير"الدبر"فيما سلف 14:15 ، تعليق:4 ، والمراجع هناك .
(40) انظر تفسير"ألفى"فيما سلف 3:306 ، 307 .
(41) انظر تفسير"السيد"فيما سلف 6:374 .
(42) انظر تفسير"لدى فيما سلف 6:407 .
(43) انظر تفسير"الجزاء"فيما سلف من فهارس اللغة ( جزى ) .