{ واستبقا الباب} أي فر يوسف من أمامها هاربا إلى باب الدار يريد الخروج منه للنجاة منها ترجيحا للفرار على الدفاع الذي لا يعرف مداه ، وتبعته تبغي إرجاعه حتى لا يفلت من يدها وهي لا تدري أين يذهب إذا هو خرج ولا ما يقول وما يفعل ، وتكلف كل منهما أن يسبق الآخر ، فأدركته{ وقدت قميصه من دبر} إذ جذبته به من ورائه فأنقد ، قالوا إن القد خاص بقطع الشيء أو شقه طولا والقط قطعه عرضا{ وألفيا سيدها لدا الباب} أي وجد زوجها عند الباب ، وكان النساء في مصر يلقبن الزوج بالسيد واستمر هذا إلى زماننا ، ولم يقل سيدهما لأن استرقاق يوسف غير شرعي وهذا كلام الله عز وجل لا كلام الرجل المسترق له ، ولعله كان قد تبناه بالفعل ، فلما دخل ورآهما في هذه الحالة المنكرة{ قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا} أي شيئا يسوءك مهما يكن صغيرا أو كبيرا كما يدل عليه تنكير [ سوءا]{ إلا أن يسجن} أي إلا سجن يعاقب به{ أو عذاب أليم} موجع يؤدبه ويلزمه الطاعة .وكان هذا القول مكرا وخداعا لزوجها من وجوه .
أحدها:إيهام زوجها أن يوسف قد اعتدى عليها بما يسوءه ويسوءها .ثانيها:أنها لم تصرح بذنبه لئلا يشتد غضبه فيعاقبه بغير ما تريده كبيعه مثلا .ثالثها:تهديد يوسف وإنذاره ما يعلم به أن أمره بيدها ليخضع لها ويطيعها ، فماذا قال يوسف في دفع التهمة الباطلة عنه وإسنادها إليها بالحق ؟ ولولاه لأسبل عليها ذيل الستر ؟