/م26
وهو
{ قال هي راودتني عن نفسي} فامتنعت وفررت كما ترى ، فصارت النازلة أو القضية باختلاف قوليهما موضوع بحث وتحقيق وتشاور بين زوجها وأهلها لم يبين لنا التنزيل تفصيله لأن المقصود من القصة فيه بيان نزاهة يوسف وفضائله للعبرة بها وإنما علمنا أن هذا وقع بالفعل ، كما نعلم أنه كان متوقعا بحكم العادة والعقل ، ومن قوله تعالى:{ وشهد شاهد من أهلها} أي أخبر عن مشاهدة أو علم كالمشاهدة ، وقيل حكم مستدلا بما ذكر ، وقد اختلفوا في هذا الشاهد كعادتهم في المبهمات التي يكثر فيها التخيل والاختراع هل كان صغيرا أو كبيرا أو حكيما أو من خاصة الملك أو حيوانا حتى رووا عن مجاهد أنه قال ليس بأنسي ولا جان هو خلق من خلق الله:مع قول الله إنه من أهلها ، ولكن الرواية عن ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك أنه كان صبيا في المهد يؤيدها ما رواه أحمد وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( تكلم أربعة وهم صغار:ابن ماشطة فرعون ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وعيسى ابن مريم ) وابن جرير عن أبي هريرة قال:( عيسى ابن مريم ، وصاحب يوسف ، وصاحب جريج تكلموا في المهد ) وهذا موقوف والمرفوع ضعيف ، وقد اختاره ابن جرير وحكاه ابن كثير بدون تأييد ولا رد ، وأما هذه الشهادة وفسرها بعضهم بالحكم فهي قوله:
{ إن كان قميصه قد من قبل} أي من قدام{ فصدقت} في دعواها أنه أراد بها سوءا ، فإنه لما وثب عليها أخذت بتلابيبه فجاذبها فانقد قميصه وهما يتنازعان ويتصارعان{ وهو من الكاذبين} في دعواه أنها راودته فامتنع وفر فتبعته وجذبته تريد إرجاعه .