القول في تأويل قوله تعالى:وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)
قال أبو جعفر:يعني جل ذكره بقوله:وقال ملك مصر:إني أرى في المنام سبع بقرات سمانٍ يأكلهن سبعٌ من البقر عجاف . (17) وقال:"إني أرى "، ولم يذكر أنه رأى في منامه ولا في غيره ، لتعارف العرب بينها في كلامها إذا قال القائل منهم:"أرى أني أفعل كذا وكذا "، أنه خبر عن رؤيته ذلك في منامه، وإن لم يذكر النوم . وأخرج الخبر جلّ ثناؤه على ما قد جرى به استعمال العرب ذلك بينهم .
* * *
، (وسبع سنبلات خضر)، يقول:وأرى سبع سُنْبلات خضر في منامي، (وأخر) يقول:وسبعًا أخر من السنبل ، (يابسات يا أيها الملأ)، (18) يقول:يا أيها الأشراف من رجالي وأصحابي (19)، (أفتوني في رؤياي)، فاعبروها، (إن كنتم للرؤيا) عَبَرَةً . (20)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
19330- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي قال ،إن الله أرى الملك في منامه رؤيا هالته ، فرأى سبع بقرات سمانٍ يأكلهن سبع عجاف ، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، فجمع السحرة والكهنة والحُزَاة والقافة ، (21) فقصَّها عليهم ، فقالوا:أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ. (22)
19331 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال:ثم إن الملك الريان بن الوليد رأى رؤياه التي رأى فهالته ، وعرف أنها رؤيا واقعة ، ولم يدر ما تأويلها، فقال للملأ حوله من أهل مملكته:(إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف) إلى قوله:بِعَالِمِينَ.
----------------------
الهوامش:
(17) لم يفسر"العجاف"في هذه الآية ، وسيفسرها فيما بعد في الآيات التالية .
(18) انظر تفسير"السنبلة"فيما سلف 5:512 - 515 .
(19) انظر تفسير"الملأ"فيما سلف 15:466 ، تعليق:1 ، والمراجع هناك .
(20) "عبرة"جمع"عابر"، وهو الذي يعبر الرؤيا ، ويفسرها .
(21) "الحزأة"جمع"حاز"، وهو المتكهن ، يحرز الأشياء ويقدرها بظنه ، ويقال للذي ينظر في النجوم وأحكامها بظنه وتقديره ، فربما أصاب:"الحزاء". وجاء في تاريخ الطبري"الحازة والقافة"، كأنه جمع آخرها على غير القياس . وفي جمعه أيضًا"الحوازي".
و"القافة"جمع"قائف"، وهو الذي يتتبع الآثار ويعرفها ، ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه .
(22) الأثر:19330 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1:177 ، مطولا .