القول في تأويل قوله تعالى:قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:قال أبوهم يعقوب:هل آمنكم على أخيكم من أبيكم الذي تسألوني أن أرسله معكم إلا كما أمنتكم على أخيه يوسف من قبل؟ يقول:من قَبْلِه .
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله:(فالله خير حافظا) .
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة وبعض الكوفيين والبصريين:( فَاللَّهُ خَيْرٌ حفِظًا ) ، بمعنى:والله خيركم حفظًا .
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين وبعض أهل مكة:( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ) بالألف على توجيه "الحافظ "إلى أنه تفسير للخير , كما يقال:"هو خير رجلا ",والمعنى:فالله خيركم حافظًا , ثم حذفت "الكاف والميم ".
* * *
قال أبو جعفر:والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى قد قرأ بكل واحدة منهما أهل علمٍ بالقرآن، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . وذلك أن من وصف الله بأنه خيرهم حفظًا فقد وصفه بأنه خيرهم حافظًا , ومن وصفه بأنه خيرهم حافظًا، فقد وصفه بأنه خيرهم حفظًا
* * *
، (وهو أرحم الراحمين) ، يقول:والله أرحم راحمٍ بخلقه , يرحم ضعفي على كبر سنِّي , ووحدتي بفقد ولدي , فلا يضيعه , ولكنه يحفظه حتى يردَّه عليَّ لرحمته .