القول في تأويل قوله تعالى:وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)
يقول تعالى ذكره:ورزقناه من لدنا إسحاق ولدا، ويعقوبَ من بعده وَلَدَ وَلَدٍ.
كما حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ) قال:هما ولدا إبراهيم.
وقوله:( وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ) بمعنى الجمع، يراد به الكُتُب، ولكنه خُرِّج مَخْرج قولهم:كثر الدرهم والدينار عند فلان.
وقوله:( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ) يقول تعالى ذكره:وأعطيناه ثواب بلائه فينا في الدنيا(وَإنَّهُ) مع ذلك ( فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) فله هناك أيضا جزاء الصالحين، غير منتقص حَظُّه بما أعطى في الدنيا من الأجر على بلائه في الله عما له عنده في الآخرة.
وقيل:إن الأجر الذي ذكره الله عزّ وجلّ أنه آتاه إبراهيم في الدنيا هو الثناء الحسن، والولد الصالح.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال:ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ) قال:الثناء.
حدثني أبو السائب، قال:ثنا ابن إدريس، عن ليث قال:أرسل مجاهد رجلا يقال له:قاسم، إلى عكرِمة يسأله عن قوله:( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) قال:قال:أجره في الدنيا، أن كل ملة تتولاه، وهو عند الله من الصالحين، قال:فرجع إلى مجاهد، فقال:أصاب.
حدثنا أبو كُرَيب، قال:ثنا ابن يمان، عن مندل، عمن ذكره، عن ابن عباس ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ) قال:الولد الصالح والثناء.
حدثني عليّ، قال:ثنا أبو صالح، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ) يقول:الذكر الحسن.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله:( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ) قال:عافية وعملا صالحا، وثناء حسنا، فلست بلاق أحدا من الملل إلا يرى إبراهيم ويتولاه ( وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ).