المفردات:
وهبنا: مننا وأعطينا .
إسحاق: ابنه الأكبر ،ويعقوب حفيده وابن إسحاق .
أجر الدنيا: الرزق الواسع الهنيء والمنزل الرحب ،والمورد العذب ،والزوجة الصالحة ،والثناء الجميل ،والذكر الحسن .
التفسير:
27-{ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين}
رزق الله إبراهيم بعد هجرته إلى الشام من زوجته سارة –وهي عجوز عقيم- بولده إسحاق ،وكانت هبة عظيمة ،حيث رزق بعد أن أيس من الولد ،وقالت زوجته حين بشرتها الملائكة بذلك:{أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب*قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [ هود: 72 ،73] .
وبعد أن رزق الله إبراهيم ابنه إسحاق ،رزق الله إسحاق ولده يعقوب الملقب بإسرائيل ،وقد نشأ في حجر إبراهيم فنسب إليه ،وهو حفيده ،ومن نسل إبراهيم كان جميع الأنبياء ،فقد رزق بإسماعيل من زوجة شابة ،هي هاجر ،ولم يكن من نسل إسماعيل نبي سوى محمد صلى الله عليه وسلم .
أما إسحاق فقد أنجب يعقوب ورزق يعقوب بالأسباط ،أي: الأحفاد ،أحفاد إبراهيم ،وكانوا اثنى عشر سبطا ،من بينهم يوسف الذي رأى في منامه أن الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا يسجدون له ،وتأويل ذلك أن أباه وأمه وإخوته ،سيسجدون له سجود تعظيم وتحية لا سجود عبادة ،ومن نسل الأسباط كان آلاف الأنبياء من بني إسرائيل مثل: داود صاحب الزبور ،وموسى صاحب التوراة ،وعيسى صاحب الإنجيل .
{وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ...}
جعلنا في ذرية إبراهيم النبوة والرسالة ،والكتاب ،أي: جنس الكتب السماوية ،فمن نسل إسماعيل رسول واحد هو محمد صلى الله عليه وسلم ،ومن نسل إسحاق يعقوب ،ومن نسله الأسباط [ الأحفاد] وهم أحفاد إبراهيم ،ومن نسلهم آلاف الأنبياء والمرسلين .
ورزق إبراهيم أجره في الدنيا ،بالثناء الحسن والذكر الجميل ،قال تعالى:{وإبراهيم الذي وفّى} [ النجم: 37] .
حيث وفق الله إبراهيم إلى الوفاء في جميع ما كلّف به ،من محاربة الشرك وإعلاء التوحيد ،والطاعة له وحده ،والاستجابة لما أمر به من ذبح ولده ،والصلاة على إبراهيم إلى آخر الدهر .
{وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين}
أي: جمع الله له استحقاق الأجر والفوز ،وكثرة العطاء في الدنيا ،والفوز في الآخرة بالدرجات العلى والحسنى وزيادة ،لأنه من الصالحين الأتقياء ،ودرجة الصلاح درجة سامية هي وسام للأنبياء الصالحين .
كما يحشر إبراهيم يوم القيامة في زمرة الكاملين في الصلاح ،الذين لهم الدرجات العلى ،وقصارى أمره ،أنه سبحانه جمع له بين سعادة الدارين ،وآتاه الحسنى في الحياتين .