القول في تأويل قوله:وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
قال أبو جعفر:يعني جل ثناؤه بقوله:"ودوا لو تكفرون كما كفروا "، تمنَّى هؤلاء المنافقون (29) = الذين أنتم، أيها المؤمنون، فيهم فئتان= أن تكفروا فتجحدوا وحدانية ربكم، وتصديقَ نبيِّكم محمد صلى الله عليه وسلم="كما كفروا "، يقول:كما جحدوا هم ذلك="فتكونون سواء "، يقول:فتكونون كفّارًا مثلهم، وتستوون أنتم وهم في الشرك بالله (30) ="فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله "، يقول (31) حتى يخرجوا من دار الشرك ويفارقوا أهلها الذين هم بالله مشركون، إلى دار الإسلام وأهلها="في سبيل الله "، يعني:في ابتغاء دين الله، وهو سبيله، (32) فيصيروا عند ذلك مثلكم، ويكون لهم حينئذ حكمكم، كما:-
10066- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا "، يقول:حتى يصنعوا كما صنعتم= يعني الهجرةَ في سبيل الله.
* * *
القول في تأويل قوله:فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (89)
قال أبو جعفر:يعني بذلك جل ثناؤه:فإن أدبر هؤلاء المنافقون عن الإقرار بالله ورسوله، وتولوا عن الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام ومن الكفر إلى الإسلام (33) ="فخذوهم "أيها المؤمنون="واقتلوهم حيث وجدتموهم "، من بلادهم وغير بلادهم، أين أصبْتموهم من أرض الله ="ولا تتخذوا منهم وليَّا "، يقول:ولا تتخذوا منهم خليلا يواليكم على أموركم، ولا ناصرًا ينصركم على أعدائكم، (34) فإنهم كفارلا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ.
* * *
وهذا الخبر من الله جل ثناؤه، إبانةٌ عن صحة نِفاق الذين اختلف المؤمنون في أمرهم، وتحذيرٌ لمن دفع عنهم عن المدافعة عنهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
10067- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم "، فإن تولوا عن الهجرة ="فخذوهم واقتلوهم ".
10068- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم "، يقول:إذا أظهروا كُفرهم، فاقتلوهم حيث وجدتموهم.
--------------------
الهوامش:
(28) هذه الزيادة بين القوسين ، يقتضيها السياق اقتضاء. وانظر تفسير"السبيل"فيما سلف. من فهارس اللغة.
(29) انظر تفسير"ود"فيما سلف 2:470 / 5:542 / 8:371 .
(30) انظر تفسير"سواء"فيما سلف 1:256 / 2:495 - 497 / 6:483 ، 486 ، 487 / 7:118
(31) انظر تفسير"ولي"و"أولياء"فيما سلف:8:430 ، تعليق:1 ، والمراجع هناك.
(32) انظر تفسير"سبيل الله"فيما سلف:8:579 ، تعليق:2 ، والمراجع هناك.
(33) انظر تفسير"تولى"فيما سلف 8:562 تعليق:1 ، والمراجع هناك.
(34) انظر تفسير"ولي"فيما سلف ص 17 ، تعليق:3= و"نصير"فيما سلف 8:472 تعليق 1 ، والمراجع هناك.