أماني المنافقين
ويستمر القرآن في توضيح الواقع الداخلي الذي يعيش في ذواتهم{وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً ...} فهم يحملون الأماني الذاتية في أن يكفر المسلمون كما كفروا ،مما يوحي بأن كل خططهم العملية في إظهارهم الإسلام وفي تقرّبهم من المسلمين تتحرك في هذا الاتجاه ،فكيف يمكن أن يستسلم المسلمون لهم ويمحضوهم المودّة والإخلاص والموالاة ،ويندمجوا معهم في مشاعر أخوية حميمة ؛في الوقت الذي يحملون فيه مثل هذه الأماني والأفكار ؟
{فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ ..} ،لأن ذلك يغريهم بالامتداد في خطتهم ،ويجعلكم في متناول أيديهم ،بما تفرضه الولاية من علاقات ومعاملات وأوضاع استرخائية يستسلم فيها الإنسان للجوّ الحميم ويفقد معها حذره .
الأمر بقتل المنافقين أنى وجدوا
{حَتَّى يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...} لأن الهجرة تمثل لوناً من ألوان الخضوع للسيطرة الإسلامية ،مما يمكّن المسلمين من مراقبتهم وأخذ جانب الحيطة والحذر من جهتهم ،ويوحيولو من بعض الجهاتباستعدادهم للانضباط الجزئي في داخل الحكم الإسلامي .وهذا هو الفرق بين المنافقين الذين هاجروا ،وبين المنافقين الذين لم يهاجروا ؛فإن الإسلام قد يطمع في إصلاح حال المهاجرين منهم ،لأنهم يعيشون في الأجواء الإسلامية الروحية والفكرية التي قد تنمّي لهم روحيتهم وأفكارهم على أساس الإسلام ،وربما كان لوجودهم في نطاق السيطرة الإسلامية بعض الأثر في الوصول إلى هذا الهدف الإسلامي في هدايتهم إلى الحق ؛أما المنافقون الباقون في مكة ،فليست هناك أية فرصة معقولة لخروجهم من ضلالهم وكفرهم ،فلا مجال لإعطائهم حكم الإسلام من قريب أو من بعيد .
{فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ...} لأن هذا هو حكم الإسلام في المشركين في حالة الحرب{وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} ،لأنهم ليسوا من الإسلام والمسلمين في شيء ،بل هم أعداؤه وأعداؤهم في كل المجالات ؛ولكنه استثنى فريقاً منهم