المفردات:
أولياء: أعوانا ونصراء ،توالونهم .
التفسير:
89- وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ... الآية يفصح القرآن عن حقيقة مشاعر هؤلاء المنافقين ،فهم لم يكتفوا بكفرهم ،ورجوعهم إلى الضلال ،بل يتمنون أن يقضوا على معالم الحق والإيمان .
والقرآن يلمس مشاعر المؤمنين لمسة قوية ،مفزع لهم وهو يقول لهم: وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء ...فقد كانوا حديثي عهد بنبذ الكفر ،وتذوق حلاوة الإيمان ،فمن حاول أن يردهم إلى وهدة الضلال ،وظلام الجاهلية ؛وجب أن ينفروا منه ،وأن يبعدوا عنه .
فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ...أي: إذا كان الأمر كما علمتم ؛فلا تتخذوا من هؤلاء المنافقين أولياء وأصدقاء ،حتى يهاجروا من مكة إلى المدينة ؛إخلاصا لله ،وطلبا لمرضاته .
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ ...فإن أعرضوا عن الإيمان الصادق ،والهجرة الصحيحة ،فذلك هو الدليل المادي على نفاقهم وخداعهم ... فأسروا إن قدرتم عليهم ،واقتلوهم إذا تمكنتم منهم ،في أي مكان تجدونهم فيه ؛دفعا لشرهم ،وردا لكيدهم .
وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا .أي: ولا تجعلوا منهم- في هذه الحالة- وليا يتولى شيئا من مهام أموركم ،ولا نصيرا تستنصرون به على أعدائكم .
إن الإسلام يتسامح مع أصحاب العقائد المخالفة له ؛فلا يكرههم أبدا على اعتناق عقيدته ،بل ويحافظ على حياتهم وأموالهم ودمائهم ،وهو يمتعهم بخير الوطن الإسلامي ،بلا تمييز بينهم وبين أهل الإسلام وهو يدعهم يتحاكمون إلى شريعتهم في غير ما يتعلق بمسائل النظام العام .
إن الإسلام يتسامح هذا التسامح مع مخالفته جهارا نهارا في العقيدة ،ولكنه لا يتسامح مع من يقولون: إنهم يوحدون الله ،ويشهدون بالإسلام دينا ،وبمحمد رسولا ،ثم يناصرون أعداء الإسلام ،وينضمون إلى معسكر الكافرين ؛لأن في هذا خداع للإسلام والمسلمين .