وقوله:( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) يقول تعالى ذكره:بل للإنسان على نفسه من نفسه رقباء يرقبونه بعمله، ويشهدون عليه به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال:ثنا أبو صالح، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) يقول:سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحهوالبصيرة على هذا التأويل ما ذكره ابن عباس من جوارح ابن آدم وهي مرفوعة بقوله:( عَلَى نَفْسِهِ ) ، والإنسان مرفوع بالعائد من ذكره في قوله:نفسه.
وقال آخرون:بل معنى ذلك:بل الإنسان شاهد على نفسه وحده، ومن قال هذا القول جعل البصيرة خبرًا للإنسان، ورفع الإنسان بها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) يقول:الإنسان شاهد على نفسه وحده.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله:( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) قال:شاهد عليها بعملها.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) إذا شئت والله رأيته بصيرا بعيوب الناس وذنوبهم، غافلا عن ذنوبه؛ قال:وكان يقال:إن في الإنجيل مكتوبا:يا ابن آدم تبصر القذاة في عين أخيك، ولا تبصر الجذع المعترض في عينك.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله:( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) قال:هو شاهد على نفسه، وقرأ:اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًاومن قال هذه المقالة يقول:أدخلت الهاء في قوله ( بَصِيرَةٌ ) وهي خبر للإنسان، كما يقال للرجل:أنت حجة على نفسك، وهذا قول بعض نحويِّي البصرة. وكان بعضهم يقول:أدخلت هذه الهاء في بصيرة وهي صفة للذكر، كما أدخلت في راوية وعلامة.