حدثنا ابن حميد، قال:ثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي الخير بن تميم، عن سعيد بن جُبير، قال:قال لي ابن عباس:سل، فقلت:( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) قال:لو شاء لجعله خفا أو حافرا.
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:( بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) قال:أنا قادر على أن أجعل كفه مجمرة مثل خفّ البعير.
حدثنا أبو كريب، قال:ثنا ابن عطية، عن إسرائيل، عن مغيرة، عمن حدثه عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس ( قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) قال:نجعله خفا أو حافرا.
قال:ثنا وكيع، عن النضر، عن عكرِمة ( عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) قال:على أن نجعله مثل خفّ البعير، أو حافر الحمار.
حدثني يعقوب، قال:ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله:( بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) قال:جعلها يدا، وجعلها أصابع يقبضهنّ ويبسطهنّ، ولو شاء لجمعهنّ، فاتقيت الأرض بفيك، ولكن سوّاك خلقا حسنا. قال أبو رجاء:وسُئل عكرِمة فقال:لو شاء لجعلها كخفّ البعير.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) رجليه، قال:كخفّ البعير فلا يعمل بهما شيئا.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) قادر والله على أن يجعل بنانه كحافر الدابة، أو كخفّ البعير، ولو شاء لجعله كذلك، فإنما ينقي طعامه بفيه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:( عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) قال:لو شاء جعل بنانه مثل خفّ البعير، أو حافر الدابة.
حُدثت عن الحسين، قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد، قال:سمعت الضحاك يقول في قوله:( عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) قال:البنان:الأصابع، يقول:نحن قادرون على أن نجعل بنانه مثل خفّ البعير.
واختلف أهل العربية في وجه نصب ( قَادِرِينَ ) فقال بعضهم:نصب لأنه واقع موقع نفعل، فلما ردّ إلى فاعل نصب، وقالوا:معنى الكلام:أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى نقدر على أن نسوّي بنانه ; ثم صرف نقدر إلى قادرين. وكان بعض نحويِّي الكوفة يقول:نصب على الخروج من نجمع، كأنه قيل في الكلام:أيحسب أن لن نقوَى عليه ؟ بل قادرين على أقوى منك. يريد:بلى نقوى مقتدرين على أكثر من ذا. وقال:قول الناس بلى نقدر، فلما صرفت إلى قادرين نصبت خطأ، لأن الفعل لا ينصب بتحويله من يفعل إلى فاعل. ألا ترى أنك تقول:أتقوم إلينا، فإن حوّلتها إلى فاعل قلت:أقائم، وكان خطأ أن تقول قائما; قال:وقد كانوا يحتجون بقول الفرزدق:
عَـليَّ قَسَـم لا أشْـتُمُ الدَّهْـرَ مُسْـلِما
وَلا خارِجــا مِـنْ فِـيَّ زُورُ كَـلام (6)
فقالوا:إنما أراد:لا أشتم ولا يخرج، فلما صرفها إلى خارج نصبها، وإنما نصب لأنه أراد:عاهدت ربي لا شاتما أحدا، ولا خارجا من فيّ زور كلام ; وقوله:لا أشتم، في موضع نصب. وكان بعض نحويِّي البصرة يقول:نصب على نجمع، أي بل نجمعها قادرين على أن نسوّي بنانه، وهذا القول الثاني أشبه بالصحة على مذهب أهل العربية.
----------------
الهوامش:
(6) البيت للفرزدق ( ديوانه 769 طبع الصاوي ) من قصيدة قالها في المربد، ويروى:"علي حلفة "في موضع "علي قسم ". وقد أنشده الفراء في معاني القرآن ( 349 ) عند قوله تعالى:{ بلى قادرين} قال:وقوله:{ بلى قادرين} نصبت على الخروج من نجمع، كأنك قلت في الكلام:أتحسب أن لن نقوى عليك، بلى قادرين على إقوامك، يريد:بلى نقوى قادرين، بلى نقوى مقتدرين على أكثر من ذا. قال:ولو كانت رفعا على الاستئناف، كأنه قال:بلى نحن قادرين على أكثر من ذا، كان صوابا، وقول الناس:بلى نقدر، فلما صرفت إلى قادرين نصبت خطأ؛ لأن الفعل لا ينصب بتحويله من يفعل إلى فاعل ألا ترى أنك تقول:أتقوم إلينا؟، فإن حولتها إلى فاعل، قلت:أقائمًا إلينا؟ وكان خطأ أن تقول:أقام إلينا؟ وقد كانوا يحتجون بقول الفرزدق:"علي قسم ... "البيت فقالوا:إنما أراد:لا أشتم ولا يخرج، فلما صرفها إلى يخرج نصبها وإنما نصب لأنه أراد:عاهدت ربي لا شاتما أحدا، ولا خارجا من في زور كلام. ا هـ .