ثم حكى القرآن أن آدم قد بادر بطلب العو والمغفرة من ربه فقال:( فتلقى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم ) .
التلقي في الأصل:التعرض للقاء ، ثم استعمل بمعنى أخذ الشيء وقبوله ، تقول:تلقيت رسالة من فلان . أي أخذتها منه وقبلتها .
والكلمات:جمع كلمة ، وهي اللفظة الموضوعة لمعنى ، وأرجح ما قيل في تعيين هذه الكلمات ، ما أشار إليه القرآن في سورة الأعراف بقوله:
( قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين ) والتوبة في أصل اللغة معناها:الرجوع ، وإذا عديت بعن كان معناها الرجوع عن المعصية إلى الطاعة ، وإذا عديت بعلى - كما في هذه الآية - كان معناها قبول التوبة ، فالعبد يتوب عن المعصية ، والله يتوب على العبد أي:يقبل توبته .
وجملة ( إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم ) واردة مورد التعليل لقوله:( فَتَابَ عَلَيْهِ ) .
والتواب وصف له - تعالى - من تاب ، أي:قبل التوبة ، وجاء التعبير بصيغة فعّال:للإِشعار بأنه كثير القبول للتوبة من عباده ، وليدل على أنه يقبل توبة العبد وإن وقعت بعد ذنب يرتكبه ويتوب منه ثم يعود إليه بعد التوبة ثم يتوب بعد العودة إليه توبة صادقة نصوحاً .