يعني أن الله تعالى ألهمه بعض الدعاء ،وهي قوله تعالى:{رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين} فتاب عليه ،أي: رجع عليه بالرحمة والقبول .{إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم} الذي يقبل التوبة عن العبد إذا اقترف ذنباً ثم ندم على ما فرط منه .إنه هو الذي يحفّ عباده بالرحمة ،إذا هم أساؤوا ورجعوا إليه تائبين .
وقد جاءت هذه الآيات ليعتبر الخلقُ ببيان الفطرة الآلهية التي فَطَر الله عليها الخلق ،الملائكة والبشر ،وليدركوا أن المعصية من شأن البشر ،فكأنه تعالى يقول: لا تأسَ يا محمد على القوم الكافرين ،ولا تبخع نفسك على أن لم يؤمنوا برسالتك ،إن الضعف موجود في طبائعهم .
انظر ما وقع لآدم ،وما كان منه ،وسنّة الله لا تتبدل .
وقد استقر أمر البشر على أن سعادتهم في اتّباع الهداية الإلَهية ،وشقاءهم في الانحراف عن سبلها .
وفيها يتبين أن من تمام التوكيد لحدود التكليف في هذه القصة أن خطاب آدم به لا يغني عن خطاب بنيه وأعقابه ،فهو مكلَّف وهم مكلَّفون ،وخطيئته لا تُلزمهم وتوبته لا تغنيهم .أما مولدهم منه فإنما يُخرجهم على سنَة الأحياء المولودين حيث يحيون وحيث يكّرمون ويموتون .