ثم وصف- سبحانه- ذاته بجملة من الصفات التي توجب له العبادة والطاعة فقال:
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فهو الخالق لهما. وهو المالك لأمرهما، لا يشاركه في ذلك مشارك.
والجملة الكريمة خبر لمبتدأ محذوف. أو بدل من قوله:الَّذِي نَزَّلَ.
وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فهو- سبحانه- منزه عن ذلك وعن كل ما من شأنه أن يشبه الحوادث.
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ بل هو المالك وحده لكل شيء في هذا الوجود.
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً أى:وهو- سبحانه- الذي خلق كل شيء في هذا الوجود خلقا متقنا حكيما بديعا في هيئته، وفي زمانه، وفي مكانه، وفي وظيفته، على حسب ما تقتضيه إرادته وحكمته. وصدق الله إذ يقول:إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ.
فجملة «فقدره تقديرا» بيان لما اشتمل عليه هذا الخلق من إحسان وإتقان فهو- سبحانه- لم يكتف بمجرد إيجاد الشيء من العدم، وإنما أوجده في تلك الصورة البديعة التي عبر عنها في آية أخرى بقوله:... صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ...
قال صاحب الكشاف:فإن قلت:في الخلق معنى التقدير. فما معنى قوله:وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً.
قلت:معناه أنه أحدث كل شيء إحداثا مراعى فيه التقدير والتسوية، فقدره وهيأه لما يصلح له. مثاله:أنه خلق الإنسان على هذا الشكل المقدر المسوى الذي تراه، فقدره للتكاليف والمصالح المنوطة به في بابى الدين والدنيا، وكذلك كل حيوان وجماد، جاء به على الجبلة المستوية المقدرة بأمثلة الحكمة والتدبير...