قوله تعالى : { وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ في العُقَدِ } ؛ قال أبو صالح : " النفاثات في العقد السواحر " . وروى معمر عن قتادة أنه تلا : { وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ في العُقَدِ } قال : " إياكم وما يخالط من السحر من هذه الرُّقَى " . قال أبو بكر : النفاثات في العقد السواحر يَنْفُثْنَ على العليل ، ويرقونه بكلام فيه كُفْرٌ وشِرْكٌ ، وتعظيم للكواكب ، ويُطْعِمْنَ العليل الأدوية الضارّة ، والسموم القاتلة ، ويحتلن في التوصل إلى ذلك ، ثم يزعمن أن ذلك من رقاهُنّ ، هذا لمن أرَدْنَ ضرره وتَلَفَهُ ، وأما من يزعمن أنهن يُرِدْنَ نفعه فينفثن عليه ، ويوهمن أنهن ينفعن بذلك ، وربما يَسْقِينَه بعض الأدوية النافعة فيتّفق للعليل خفة الوجع ؛ فالرُّقْيَةُ المنهيُّ عنها هي رقية الجاهلية ؛ لما تضمنته من الشرك والكفر ، وأما الرقية بالقرآن وبذكر الله تعالى فإنها جائزة ، وقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وندب إليها ، وكذلك قال أصحابنا في التبرك بالرقية بذكر الله . وإنما أمر الله تعالى بالاستعاذة من شر النّفاثات في العُقَدِ ؛ لأن من صدّق بأنهن ينفعن بذلك كان ذلك ضرراً عليه في الدين من حيث يعتقد جواز نفعها وضررها بتلك الرقية ؛ ومن جهة أخرى شرّهن فيما يَحْتَلْنَ من سقي السموم والأدوية الضارة .