باب السجود على الوجه
قال الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ للأَذْقَانِ سُجّداً } . رُوي عن ابن عباس قال : " للوجوه " . وروى معمر عن قتادة في قوله تعالى : { يَخِرُّونَ للأَذْقَانِ سُجَّداً } قال : " للوجوه " . وقال معمر : وقال الحسن : " اللّحى " . وسئل ابن سيرين عن السجود على الأنف فقال : { يَخِرُّونَ للأَذْقَانِ سُجَّداً } . وروى طاوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ على سَبْعَةِ أَعْظُمٍ ولا أَكُفَّ شَعَراً ولا ثَوْباً " ، قال طاوس : وأشار إلى الجبهة والأنف هما عظم واحد . وروى عامر بن سعد عن العباس بن عبدالمطلب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إِذا سَجَدَ العَبْدُ سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ أَرَابٍ : وَجْهُهُ وكَفَّاهُ ورُكْبَتَاهُ وقَدَمَاهُ " . ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ جَبْهَتَكَ وَأَنْفَكَ مِنَ الأَرْضِ " . وروى وائل بن حجر قال : " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع جبهته وأنفه على الأرض " . وروى أبو سلمة بن عبدالرحمن عن أبي سعيد الخدري : " أنه رأى الطين في أنف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرنبته من أثر السجود وكانوا مُطِرُوا من الليل " . وروى عاصم الأحول عن عكرمة قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً ساجداً فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تُقْبَلُ صَلاةٌ إِلاّ بمَسِّ الأَنْفِ منها ما يَمَسُّ الجَبِينَ " . وهذه الأخبار تدلّ على أن موضع السجود هو الأنف والجبهة جميعاً . وروى عبدالعزيز بن عبدالله قال : قلت لوهب بن كيسان : يا أبا نعيم ما لك لا تمكّنُ جبهتك وأنفك من الأرض ؟ قال : ذاك لأني سمعت جابر بن عبدالله يقول : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على جبهته على قصاص الشعر " . وروى أبو الشعثاء قال : رأيت ابن عمر سجد فلم يضع أنفه على الأرض ، فقيل له في ذلك ، فقال : " إن أنفي من حُرِّ وجهي وأنا أكره أن أَشِينَ وجهي " . ورُوي عن القاسم وسالم أنهما كانا يسجدان على جباههما ولا تمس أنوفهما الأرض . وأما حديث جابر فجائز أن يكون رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يسجد على قصاص شعر لعُذْرٍ كان بأنفه تعذر مع السجود عليه ، وتأويل من تأوله على الوجوه على اللّحى يدل على جواز الاقتصار بالسجود على الأنف دون الجبهة وإن كان المستحبُّ فِعْلَ السجود عليهما ، لأنه معلوم أنه لم يُرِدْ به السجود على الذقن لأن أحداً من أهل العلم لا يقول ذلك ، فثبت أن المراد الأنف لقربه من الذقن ؛ ومن مذهب أبي حنيفة أنه إن سجد على الأنف دون الجبهة أجزأه ، وقال أبو يوسف ومحمد : " لا يجزيه " ، وإن سجد على الجبهة دون الأنف أجزأه عندهم جميعاً . وروى العطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر قال : " إذا وقع أنفك على الأرض فقد سجدت " . وروى سفيان عن حنظلة عن طاوس قال : " الجبهة والأنف من السبعة في الصلاة واحد " . وروى إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال : " إن الأنف من الجبين " وقال : " هو خيره " .