قوله تعالى : { فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ } يقتضي تحريم نكاح المتعة ، إذ ليست بزوجة ولا مملوكة يمين ، وقد بينا ذلك في سورة النساء في قوله : { وراء ذلك } [ النساء : 24 ] معناه : غير ذلك . وقوله : { العَادُونَ } يعني من يتعدَّى الحلال إلى الحرام ، فأما قوله : { إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } استثناءٌ من الجملة المذكورة لحفظ الفروح وإخبار عن إباحة وَطءِ الزوجة وملك اليمين ، فاقتضت الآية حظر ما عدا هذين الصنفين في الزوجات وملك الأيمان ، ودل بذلك على إباحة وَطْءِ الزوجات وملك اليمين لعموم اللفظ فيهن .
فإن قيل : لو كان ذلك عموماً في إباحة وطئهن لوجب أن يجوز وَطْؤُهنَّ في حال الحيض وَوَطْءُ الأمَةِ ذات الزوجة والمعتدَّةِ من وَطْءٍ بشبهة ونحو ذلك . قيل له : قد اقتضى عموم اللفظ إباحة وطئهن في سائر الأحوال ، إلا أن الدلالة قد قامت على نخصيص من ذكرت كسائر العموم إذا خُصَّ منه شيء لم يمنع ذلك بقاء حكم العموم فيما لم يخص ، وملك اليمين متى أُطلق عُقِلَ به الأَمَةُ والعبد المملوكان ، ولا يكاد يُطلق ملك اليمين في غير بني آدم ، لا يقال للدار والدابة ملك اليمين ؛ وذلك لأن ملك العبد والأَمَةِ أَخَصُّ من ملك غيرهما ، ألا ترى أنه يملك التصرف في الدار بالنقض والبناء ولا يملك ذلك في بني آدم ويجوز عارية الدار وغيرهما من العروض ولا يجوز عارية الفروج ؟